حرفة تطعيم وحفر وتجوبف الفضة والذهب على النحاس، من أهم الحرف التراثية الدمشقية والعالمية، لأنها تحتوي على تقنية عالية، إذ يتم تعشيق الفضة والذهب على النحاس بطريقة معقدة وصعبة الفهم، فكيف يمكن لمعدن أن يبقى محافظاً على نفسه وهو على معدن آخر لمدة من 200-400 عام؟.
بهذا الوصف بدأ شيخ كار هذه الحرفة حمادة جاد السيد- الملقب بأبي جاد، حديثه لصحيفة الثورة، مشيراً إلى أن عمر الحرفة أكثر من 1300 سنة، ومرت بعصور كثيرة ازدهرت في بعضها وخُفي بريقها في أخرى،
إذ امتدت من العصر الأموي الذي نالت فيه ازدهاراً واسعاً فالعباسي ثم فترات السلاجقة والمماليك التي نالت فيها قسطاً كبيراً من الترف الفني، حتى وصلت إلى يومنا هذا، بتطور ونمط خاص لكل فترة زمنية.
وعن حرفته يقول: “كانت الحرفة حكراً على بعض الأشخاص في دمشق، ولم يبوحوا بأسرارها لأحد غيرهم، ولكن والدي في أوائل التسعينيات، كان متقناً لها وبكل مراحلها وأشكالها وأنماطها ورسوماتها الكثيرة. وفي منتصف التسعينيات عندما سافر هؤلاء الحرفيون خارج البلاد، أنقذ والدي الحرفة من الاندثار وعلًمها لعدد من الشبان، وكنت آخرهم”.
ويؤكد السيد أنه يقوم بتعليم الحرفة لبعض الراغبين ضماناً لاستمراريتها، وأوضح أنها أساس الحرف الأخرى، كحال السيف الدمشقي، إذ يتم تطعيمه بخيوط الذهب أو الفضة.. واعتبر أن الحفاظ على هذه الحرفة ليس سهلاً لأنها تحتوي على ترف فني عالٍ وكلفة مادية، كما يلزمها دعم معنوي، ليتمكنوا من تعليمها للجيل الجديد وتأهيله للحفاظ على التراث الجميل.
وحول مراحل العمل، أشار إلى أنها تبدأ بالرسم الهندسي، شرط أن يكون الحرفي ملماً بالحسابات والتقسيمات الهندسية، وبعد الرسم يتم حفر النحاس وتجويفه وتطعيم الفضة، وبعدها تأتي مرحلة التجميع، ثم التشعيل “حفر الفضة”، ثم التشطيبات بأقلام وأدوات كثيرة، ومن المهم تحلي الحرفي بالصبر، فالحرفة تتطلب الدقة والإتقان ليتحول لوح النحاس إلى تحفة فنية تزداد قيمتها مع الزمن.
الثورة – عبير علي
