
أعلنت لجنة تحقيق سورية، الثلاثاء، توثيق مقتل 1426 شخصا وفقدان 20 آخرين، خلال الأحداث التي شهدتها منطقة الساحل غربي البلاد في مارس/ آذار الماضي.
أفاد بذلك رئيس لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري جمعة العنزي، والمتحدث باسمها ياسر الفرحان، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة دمشق، تابعه مراسل الأناضول.
وقالت اللجنة: “تحققنا من مقتل 1426 مدنيا وعسكريا، وفقدان 20 آخرين في أحداث الساحل السوري”.
وأضافت أن “200 ألف مسلح توجهوا للساحل حينها، بهدف استعادته من فلول النظام البائد (البعث)، ما أدى إلى حدوث انتهاكات”.
وبيّنت أن “عددا من المسلحين لم يكونوا تابعين للحكومة، لذلك حدثت عمليات قتل ونهب” إضافة إلى استخدام “شتائم طائفية”.
والأحد، تسلّم الرئيس السوري أحمد الشرع التقرير النهائي للجنة التحقيق، فيما قالت الرئاسة في بيان، إنها ستقوم “بفحص النتائج الواردة في التقرير بدقة وعناية تامتين”.
** مقتل 90 امرأة
وقالت اللجنة، إن بين القتلى “90 امرأة، فضلا عن عسكريين سابقين أجروا تسويات مع السلطات المختصة”.
ورغم “عدم استبعاد وجود عدد من عناصر الفلول بين القتلى”، رجحت اللجنة أن “معظم حوادث القتل وقعت خارج أو بعد انتهاء المعارك العسكرية”.
وفيما يتعلق بالمشتبه بهم، قالت اللجنة: “ركزنا على تقصي هوية الفاعلين، وحددنا 298 مشتبها بهم”.
ولفتت إلى أن الإفصاح عن بيانات المشتبه فيهم من اختصاص القضاء فقط.

** زيارات المقابر
وفي السياق، ذكرت اللجنة أنها زارت معظم المقابر، ودونت أسماء الضحايا، وأنهت المهمة وأحالتها إلى القضاء لمتابعة المسار.
وبشأن التجاوزات، أكدت أن الانتهاكات “شملت عمليات نهب وقتل وشتائم طائفية”، وتوعدت بمحاسبة المتورطين.
وقالت إن “سيطرة الدولة كانت جزئية، لذلك حدثت تجاوزات، واللجنة كانت مستقلة خلال عملها”.
“فلول النظام البائد كان لهم دور في ذلك أيضا”، وفق اللجنة التي لفتت إلى أنهم “حاولوا إقامة دويلة من خلال السيطرة على مناطق بالساحل”.
وتابعت: “عائلات ضحايا أخبرتنا أن الفلول استخدموا مناطقهم لمهاجمة قوات الأمن”.
وأوضحت أن “الانتهاكات لم تشمل فقط إخوتنا العلويين، بل تعرضت عائلات سنية لتجاوزات، وعائلات من طوائف أخرى”.
وعن أسباب تلك التجاوزات، أفادت اللجنة بأن “مرتكبي الانتهاكات استغلوا الفراغ العسكري والأمني وانشغال الدولة، لتنفيذ عمليات قتل ونهب”.
وذكرت أن “هؤلاء الأفراد والمجموعات خالفوا الأوامر العسكرية، ويشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين”.
** “إجرام الفلول”
لجنة التحقيق أشارت إلى أن “الفلول ورثوا عن النظام البائد السلوك الإجرامي الذي عانى منه السوريون 14 عاما”.
وشددت على أن “أي سلاح خارج نطاق الدولة مرفوض، وقابلنا كافة المستويات بالدولة خلال التحقيق، فيما بذلت الحكومة جهودا حثيثة لإنجاح مهمتنا على أكمل وجه”.
ودعت “أي شخص لديه معلومات تفيد بارتكاب أشخاص انتهاكات في أحداث الساحل أن يقدّمها للقضاء”.
وأردفت: “هناك إجراءات حقيقية، وتتم ملاحقة الذين تورطوا بارتكاب انتهاكات بحق الشعب السوري، والمضي في المحاسبة على أساس القانون هو ما سيمنع أي أعمال ثأر”.
اللجنة أوصت “بمتابعة السلطات المختصة الإجراءات اللازمة وفقاً لما توصلت إليه في تحقيقاتها”.
كما طالبت بـ”المضي وبشكل عاجل وفاعل وملموس، في تدابير العدالة الانتقالية، وملاحقة المتورطين الفارين من العدالة من قيادات نظام الأسد وعناصره، بوصفهم خطراً على مجتمعاتهم”.
ولأيام عدة في مارس الماضي، شهدت مناطق الساحل السوري أحداثا دامية، إذ شن مسلحون موالون للنظام السابق هجمات على قوات الأمن.
ولاحقا، استعادت قوات الحكومة السيطرة على المنطقة، بعد عملية واسعة تخللتها انتهاكات وعمليات قتل بحق مدنيين، إضافة إلى سلب وحرق ممتلكات، من مسلحين “غير تابعين للحكومة”.
ويأتي المؤتمر الصحفي للجنة التحقيق بأحداث الساحل، في وقت تشهد فيه محافظة السويداء (جنوب) منذ 13 يوليو/ تموز الجاري اضطرابات أمنية، إثر اشتباكات دموية بين مجموعات مسلحة درزية وبدوية.
وضمن مساعيها لاحتواء الصراع، بدأت الحكومة السورية إعادة نشر قواتها الأمنية في السويداء وأجلت مئات العائلات البدوية النازحة قسرا من وسط المدينة على يد قوات مجموعات درزية تابعة لحكمت الهجري.
ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد (2000- 2024)، تبذل الإدارة السورية الجديدة جهودا مكثفة لاستعادة الأمن في البلاد.
وبسطت فصائل سورية، في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، سيطرتها على العاصمة دمشق، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، بينها 53 سنة من حكم أسرة الأسد.
وكالة الأناضول