
في أعقاب انتهاء هذه الجولة غير المسبوقة من جولات الصراع بين إسرائيل وإيران التي دامت 12 يوماً بلا توقف، بموجب اتفاق كامل وشامل أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعود الأنظار العالمية مجدداً إلى قطاع غزة مركز الصراع الأساسي ومحوره الذي يواجه حرباً إسرائيلية مدمرة تركت سكانه بين مطرقة الرصاص وسندان الجوع، وتجددت المطالبات بوقف هذه الحرب التي خلفت حتى اليوم أكثر من 50 ألف قتيل وشردت أضعافهم.
وأعرب عدد من قادة العالم والأمم المتحدة وحتى في الداخل الإسرائيلي عن أملهم في أن يلي الهدنة بين إسرائيل وإيران، وقف لإطلاق النار في غزة حيث تواصل إسرائيل قصفها.
دعوات في إسرائيل
وفي أول تعقيب له بعد دخول قرار وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران حيز التنفيذ، طالب زعيم المعارضة الإسرائيلية رئيس حزب «هناك مستقبل»، يائير لابيد، بإنهاء الحرب على غزة، وتحريك ملف الأسرى لدى حماس مجدداً.
وقال لابيد في منشور على منصة إكس «الآن غزة، حان الوقت لإنهاء الأمر وإعادة المحتجزين وإنهاء الحرب».
كذلك علّق زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، يائير غولان، بأن «هذا هو الوقت لاستكمال المهمة وإعادة المحتجزين».
وأضاف غولان «انتهت الحملة العسكرية ضد إيران بإنجاز أمني واضح… والآن هو الوقت المناسب لإتمام المهمة: إعادة جميع المحتجزين، وإنهاء الحرب في غزة، ووقف الانقلاب القضائي الذي يهدد بجعل إسرائيل ضعيفة ومنقسمة وعرضة للخطر».
اتفاق شامل
وطالبت عائلات المحتجزين الإسرائيليين، الثلاثاء، بتوسيع اتفاق وقف إطلاق النار ليشمل غزة أيضاً وإعادة ذويهم.
وجاء في بيان صادر عن عائلات المحتجزين «اتفاق وقف إطلاق النار يجب أن يتوسع ويشمل غزة، ندعو الحكومة إلى الشروع في مفاوضات عاجلة تؤدي إلى عودة جميع المحتجزين وإنهاء الحرب».
وأكد البيان «من يستطيع التوصل إلى وقف إطلاق نار مع إيران، يمكنه أيضاً إنهاء الحرب في غزة».
وأضافت عائلات المحتجزين «بعد 12 يوماً وليلة لم ينم فيها الإسرائيليون بسبب إيران، يمكننا نحن أن نعود لعدم النوم بسبب غياب المحتجزين.. عملية الـ12 يوماً انتهت، وحان الوقت الآن لإنهاء حرب الـ627 يوماً».
واستطرد البيان «لا يُعقل أن تعود إسرائيل إلى الغرق في المستنقع الغزّي بعد عملية ناجحة في إيران وتوجيه ضربة حاسمة للمحور الإيراني. هذا يتعارض مع كل منطق وكل مصلحة إسرائيلية».
وشددت العائلات على أن إنهاء العملية في إيران دون استغلالها لإعادة جميع المحتجزين سيكون «فشلًا سياسياً جسيماً»، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق شامل يُعيد جميع المحتجزين الخمسين دفعة واحدة، وينهي الحرب.
تساؤلات عالمية
وبعد ساعات من الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، شدّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أهمية التوصّل إلى هدنة في قطاع غزة واستئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مؤكداً أنّ «هذه أولوية مطلقة» من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة.
كما تبنى المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، الموقف نفسه مؤكداً أنّه «حان الوقت للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة»، مشيراً إلى أن بلاده تحتفظ لنفسها بـ«الحق في طرح تساؤلات نقدية بشأن ما تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في قطاع غزة».
وطالبت الرئاسة الفلسطينية بأن يشمل وقف إطلاق النار مع إيران قطاع غزة الذي يشهد ظروفاً أقرب إل المجاعة وإطلاق نار شبه يومي قرب مراكز توزيع مساعدات قتل خلالها العشرات وفقاً للدفاع المدني في غزة.
ورأت الرئاسة الفلسطينية أن التوصل إلى وقف إطلاق النار خطوة هامة على طريق تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وطالبت باستكمال هذه الخطوة عبر تحقيق وقف لإطلاق النار يشمل قطاع غزة.
إصرار على الحرب
ورغم هذه الدعوات، رفض وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، تهدئة التصعيد، وقال: «الآن نتوجه بكل قوتنا إلى غزة، لإتمام المهمة: تدمير حماس وإعادة رهائننا».
كما أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أن الحملة على إيران «لم تنته بعد»، ولكن تركيز الجيش سينصب على العودة إلى غزة لإعادة الرهائن الإسرائيليين وتفكيك حكم حماس في القطاع، ما يوحي بنوايا إسرائيل في استكمال هذه الحرب.
وأشارت صحيفة ذا تايمز إلى أن الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، قد نسيها البعض، لكنها لا تزال قائمة دون نهاية واضحة، وسط أهداف عسكرية متغيرة باستمرار، مضيفة أن «المعاناة ستتواصل».
جوع ورصاص
ميدانياً، لا يزال الفلسطينيون في غزة بين فكي نيران إسرائيل وحصارها ولا تزال الأنباء المرتبطة بسقوط ضحايا من الساعين للحصول على مساعدات تتصدّر المشهد في القطاع، إذ أكّدت مصادر طبية في القطاع مقتل 28 شخصاً بنيران الجيش الإسرائيلي، قرب مراكز لتوزيع المساعدات تابعة لمؤسسة «غزة الإنسانية» المدعومة إسرائيلياً وأمريكياً.
وأفادت مصادر في مستشفيات شهداء الأقصى والعودة وسط القطاع بمقتل 25 شخصاً وإصابة 150 قرب مركز توزيع مساعدات وسط القطاع في منطقة ما يُعرف بمحور نتساريم، فيما أعلن مستشفى ناصر في خان يونس مقتل 3 أشخاص عند نقطة توزيع في رفح جنوباً.
وفي تعليقه على الحادثة قرب مركز نتساريم، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد تجمعاً في منطقة مجاورة لقوات الجيش الإسرائيلي العاملة في ممر نتساريم وسط غزة، مؤكداً أنه تلقى تقارير عن إصابات بـ«نيران الجيش الإسرائيلي في المنطقة»، وأنه يراجع التفاصيل المرتبطة بالحادثة.
وفي السياق ذاته أكدت مصادر طبية في مستشفى المعمداني بمدينة غزة، مقتل 10 أشخاص غالبيتهم من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً لعائلة فجر الثلاثاء، جنوبي مدينة غزة.
واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص.
فيما قُتل نحو 56 ألف شخص في قطاع غزة، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
صحيفة الخليج