
في خطوة كانت متوقعة لبعض الوقت، لكنها بدت مفاجئة في توقيتها، وافق الظهير الفرنسي ثيو هيرنانديز على الانتقال إلى نادي الهلال السعودي، ليطوي صفحة امتدت لستة أعوام مع ميلان الإيطالي، شهدت تحوله من «شاب متمرد» إلى أحد أفضل الأظهرة في العالم، وقائد حمل شارة الفريق وسجل أكثر من أي مدافع في تاريخ «الروسونيري».
الهلال بقيادة مدربه الجديد سيموني إنزاغي نجح في إقناع ثيو بالعرض الأخير، بعد أن كان قد رفض سابقاً الانضمام إلى الدوري السعودي لأسباب تتعلق بالمنافسة الرياضية. لكن يبدو أن العرض الجديد، البالغ 20 مليون يورو سنوياً راتباً صافياً، غيَّر المعادلة تماماً.
وحالياً، لم يتبق سوى حسم تفاصيل الصفقة مع إدارة ميلان، التي تشترط 30 مليون يورو للموافقة على بيع اللاعب، وهو الرقم نفسه الذي تم الاتفاق عليه مبدئياً مع الهلال قبل انطلاق مونديال الأندية، وذلك وفقاً لصحيفة «لاغازيتا ديلو سبورت» الإيطالية.
حين وصل ثيو إلى ميلان صيف 2019 قادماً من ريال مدريد، حمل معه سمعة لاعب موهوب، لكن غير منضبط. سريعاً، محا تلك الصورة بأداء مبهر على الجهة اليسرى، وكان أحد أبرز مفاتيح التتويج بلقب الدوري الإيطالي 2021 – 2022.
تفوق على باولو مالديني من حيث عدد الأهداف المسجلة في «الكالتشيو» مدافعاً، وشارك في 262 مباراة سجل خلالها 31 هدفاً بقميص ميلان. أداؤه اللافت جعله عنصراً أساسياً في منتخب فرنسا، وساهم في وصوله إلى نهائي كأس العالم 2022، حيث سجل هدفاً حاسماً في نصف النهائي.
لكنه عانى تراجعاً كبيراً الموسم الماضي؛ ما أدى إلى وضعه على دكة البدلاء في أكثر من مناسبة، بل ووقوعه في مواقف عدة مثيرة للجدل، من اعتراض على «فترات التبريد» إلى تنفيذ ركلات جزاء غير مصرح بها، ما عمّق الفجوة مع الإدارة الفنية.
في يناير (كانون الثاني) الماضي، تقدم نادي كومو الإيطالي بعرض مغرٍ للاعب بلغ 8 ملايين يورو سنوياً، لكن ميلان حينها رفض بيعه. بعدها، حاول أتلتيكو مدريد استعادته، إلا أن المفاوضات لم تثمر عن اتفاق نهائي. في المقابل، الهلال أعاد التفاوض، ورفع عرضه من 18 إلى 20 مليون يورو سنوياً، وهو ما قبله ثيو أخيراً، خصوصاً بعد أن أدرك أن العروض الأوروبية لم تعد بالزخم نفسه أو الثراء ذاته.
من جانب ميلان، فإن اللاعب لم يُبدِ رغبة حقيقية في تجديد عقده، الذي ينتهي في صيف 2026، خاصة بعد أن قُدم له عرض تجديد بقيمة أقل من راتبه الحالي البالغ 4.5 مليون يورو سنوياً. وبالتالي، ومع تبقي عام فقط على إمكانية رحيله مجاناً، فإن إدارة «الروسونيري» لا تنوي تعطيل الصفقة، شريطة أن يحصل النادي على المبلغ الكامل.
برحيل ثيو، سيفقد ميلان أحد أبرز ركائزه في الجهة اليسرى، وسيكون مضطراً إلى التحرك سريعاً لتعويضه. ووفقاً للتقارير الإيطالية، فإن النادي يعمل على محورين: أولهما أوليكسندر زينتشينكو (28 عاماً)، لاعب آرسنال الحالي، يتمتع بخبرة أوروبية واسعة ولديه عقد حتى 2026. تُقدر قيمته السوقية بين 15 و20 مليون يورو؛ ما يجعله خياراً مالياً مقبولاً.
أما المحور الآخر، فهو ديستيني أودوجي (22 عاماً)، ظهير توتنهام ومنتخب إيطاليا، والذي يُعدّ من أبرز المواهب الإيطالية في مركزه. ناديه الإنجليزي، الفائز مؤخراً بالدوري الأوروبي، لن يتخلى عنه بأقل من 40 مليون يورو، أي ضعف سعر زينتشينكو تقريباً.
رحيل ثيو يمثل نهاية حقبة خاصة لجماهير ميلان. من لاعب شاب قادم من مدريد، إلى رمز هجومي دفاعي وصاحب تأثير كبير داخل وخارج الملعب. لم يكن الموسم الأخير جيداً، لكنه لم يمحُ البصمة التي تركها.