
تعددت التسميات والهدف واحد.. فمن مهرجانات التسوق إلى أسواق الخير وغيرها والتي تعد فرصة تتيح للمواطن تلبية احتياجاته من السلع بأسعار مناسبة، والهدف هو التخفيض من خلال مشاركة الشركة الأم أو التدخل الإيجابي، وبالتالي المستفيد هو المستهلك، حسب ما تتبناه هذه المهرجانات، ولاسيما حين تشارك فيها كبرى الشركات سواء لمواد غذائية واستهلاكية وغيرها.
وقبل المناسبات والأعياد تنشط إقامة هذه المهرجانات وتلحظ بكثرة في أماكن ومناطق في المحافظات، وتتباين بين مهرجان وآخر حسب المناطق السكنية، وحسب المعروضات، وضخ المواد ونوعها، وكذلك حسب العروض المقدمة على بعض المنتجات، خاصة الغذائية التي تلبي احتياجات المستهلك اليومية.
آراء وتساؤلات
وتتعدد الآراء حول مهرجانات التسوق قبل العيد، لتثير تساؤلات هنا وهناك، فهل هي لمصلحة المستهلك فقط وتقديم السلعة بأسعار تكسر أسعار السوق، أم هي مجرد تصريف منتج وسلع لشركات تعاني قلة التصريف والتوزيع، وبدت البدائل أكثر في توفر السلع في الأسواق والإقبال عليها، نتيجة طرحها في أماكن وبسطات متفرقة،
وبأسعار ترضي كثيرين حتى مع عدم التأكد من مدى موثوقيتها ومطابقتها لشروط السلع النظامية كونها من الخارج، وقد لا تطابق مواصفات المنتج المطلوبة لناحية الجودة والنوعية أو لناحية الشروط الصحية اللازمة، هذا ما أكدت عليه لقاءات الثورة مع مواطنين يرتادون هذه المهرجانات، ومنها التي تقام حالياً قبل عيد الأضحى المبارك.
ترقب وتوقعات
الحاج عبد العزيز حمادية يقول: إنه يترقب إقامة المهرجانات وأسواق الخير التي تقام في فترات مختلفة في منطقة سكنه بالزاهرة بدمشق، وحالياً يقام مهرجان في المنطقة، إلا أن هذه المهرجانات لم تعد هي المنفذ الوحيد لتلبية الاحتياجات، فأسعارها مقاربة لأسعار السوق، إضافة إلى أن هناك معروضات لا تلبي الطلب، ومواد لا ترقى لمستوى الجودة والنوعية، لكن المواطن مضطر لشرائها نتيجة الحاجة وضعف القدرة الشرائية.
ويخالفه الرأي محمد عموري ومنعم علوش، وبينا أنهما من هواة التسوق وارتياد المهرجانات حتى لو كانت في مناطق بعيدة عن سكنهم، فهناك شركات لها اسمها وتطرح منتجات وعروض قوية يجد المواطن فيها غايته، لاسيما الغذائيات بأنواعها، كما ان الثقة في المهرجان هي التي تعطي النجاح له عبر العروض المتنوعة، فالفائدة للمستهلك وللشركات التي تبيع بربح بسيط وكميات أكبر.
وتوضح السيدة سمر أم علي، أنها عندما تقوم بزيارة هذه المهرجانات تتوقع أن تكون الأسعار تناسب ذوي الدخل المحدود وأن تكون الجودة عالية، ولكن تفاجئ أن الأسعار منخفضة نوعاً ما عن السوق، ولكن على حساب الجودة، وكأن المهرجان لتصريف بضائع الشركات، فما فائدة هذه المهرجانات إن كانت المعروضات تفتقد لأدنى معايير الجودة والسلامة الصحية أحياناً، وتمنت تكثيف الرقابة على هذه المهرجان لتحقيق الغاية منها لخدمة المستهلك.
في ظل التغيرات الجديدة هل تحقق هذه المهرجانات الغاية لخدمة المستهلك أم لخدمة مصالح العارضين؟
الخبير الاقتصادي عامر ديب بين في لقاء لـ”الثورة” أن موضوع المهرجانات وأسواق الخير يدرس من خلال ثلاثة عوامل منها القوة الشرائية للمواطن والتضخم وسعر الصرف وهو ليس عاملاً بل مؤشراً، والعامل الأساسي هو أسعار المستهلكين والتضخم، وارتباط التضخم بسعر الصرف ليس دائماً، فأحياناً ترتفع الأسعار دون أن يكون سعر الصرف مذبذباً، وارتفاع الأسعار بارتفاع سعر الصرف هي حجة غير اقتصادية، لكن هي عرف بالسوق وموجودة في الدول الخاملة اقتصادياً.
وتساءل ديب هل مهرجانات التسوق تسد العجز بين التضخم وسعر الصرف وهل لها دور كبير في التخفيف عن المواطن وتعويض العجز والقوة الشرائية، فعملياً هذه الأسواق كانت تقام سابقا بالتدخل من غرف الصناعة والتجارة واليوم نبحث عن من يقوم بهذه الفعاليات، فهناك اقتصاد ظل وما زال وهو الملاذ الآمن لكثير من المواطنين في ظل تراجع القدرة الشرائية كالبالة وغيرها من الأسواق الأخرى والبسطات والسلع.
بين الإيجابي والربحي
وأوضح ديب أننا اليوم نتحدث عن سوق رسمي هو المهرجانات وسوق الظل فإذا كان هدف المهرجانات تخفيف الأسعار والتدخل فهو أمر ايجابي قامت به غرف الصناعة والتجارة، لكن إذا قامت به شركات تنظيم معارض وتنظيم أسواق يعني شركات خاصه تقوم على تنظيم هذه الفعاليات فهي غير موجهة للتدخل الإيجابي وإنما الغاية الربحية وهي إعلانية تسويقية للشركات أكثر ما هي تدخل للمستهلك،
واليوم مهم أن تكون مديريه التجارة الداخلية مع غرف الصناعة والتجارة ووزارة الاقتصاد والموارد بعد الدمج هي المسؤولة عن هذه المهرجانات تراقب عملها وتراقب الأسعار والعروض هل هي حقيقية؟ فكثير من العروض تكون وهمية.
ونوه ديب بأنه قبل العيد نعاني من مستويات ارتفاع بالأسعار وتضخم عال لا تتناسب مع ارتفاع سعر الصرف، واليوم أسواق الظل تؤمن بعض الحاجيات، وإن انخفضت جودتها، وضروري جداً مراقبة السلع المنتشرة على البسطات وأخذ عينات ومواءمتها للاستهلاك البشري،
وهذا واجب الجهات المعنية ووزارة الاقتصاد والصناعة، ويجب اعتماد الفوترة الإلكترونية ومتابعة الأرباح وكلف التشغيل من المصدر الى البائع، فترك هذه الأسواق في حاله العرض والطلب حالة غير منطقية ولا تناسب سوريا في الوقت الحالي، لأننا اليوم نعيش حالة من عدم وضوح الرؤية الاقتصادية والتجارية في البلد، ويجب ضبطها وعند استقرارها نترك السوق للعرض والطلب،
وهنا يكون السوق أصبح في “تريند” يناسب ويحقق جميع مصالح الأفراد، فهذه الأسواق إذا كانت عرف التجارة والصناعة قائمة عليها بإشراف الدولة، وكانت هناك نسب حسم حقيقية تحقق الغاية، وإذا قامت بها شركات خاصة لا تحقق هذا الدعم فهي ربحية لأن المواطن اليوم يعيش ضعف القوة الشرائية بسبب التضخم.
صحيفة الثورة