
كان أحمد الأحمد، صاحب الأصول السورية، يجلس بالقرب من الفوضى التي عمّت شاطئ بوندي في مدينة سيدني الأسترالية، مساء الأحد، خلال احتفال بعيد الأنوار (حانوكا) اليهودي، قبل أن يتمكن من السيطرة على أحد المسلحين، ونزع سلاحه في لحظة وثّقتها كاميرات المراقبة، وانتشرت حول العالم.
وبدون سلاح أو تدريب، تسلل أحمد، الأب لطفلتين، عبر موقف السيارات، واقترب من مطلق النار من الخلف، وأمسك به وانتزع البندقية من يده وصوّبها نحوه، ما أجبره على التراجع.
وتشير التقديرات إلى أن تصرف أحمد السريع ساهم في إنقاذ حياة عدد من الأشخاص كانوا في مرمى النيران، حسبما أوردت صحيفة “سيدني مورنينج هيرالد”، الأسترالية.
“أحمد” في عيون والديه
وقالت الصحيفة إن أحمد الذي وصفته بـ”البطل”، في حالة معنوية عالية، على الرغم من إصابته بطلقين ناريين في الكتف خلال الهجوم، وسيخضع لعملية جراحية في مستشفى سانت جورج في كوجارا، الثلاثاء.
وقال والده: “رأيته الليلة الماضية، وكان في حالة معنوية مرتفعة. قال إنه يشكر الله؛ لأنه تمكّن من إنقاذ الأبرياء من هؤلاء القتلة”.
وأضافت والدته أنها لم تتوقف عن البكاء حين علمت أنه أنقذ حياة الناس على حساب سلامته.
ووصف والدا أحمد، في مقابلة مع هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC)، ابنهما صاحب متجر الفاكهة بـ”البطل”، لما قام به خلال الهجوم الإرهابي الذي وقع الأحد في شاطئ بوندي.
وقال محمد فاتح الأحمد، وملكة حسن الأحمد، إن ابنهما الذي ينتظر إجراء عدة عمليات جراحية، بعدما أصيب بأعيرة نارية في كتفه”.
وأشار الوالدان إلى أنهما وصلا إلى سيدني قادمين من سوريا قبل شهرين فقط، وأنها انفصلا عن ابنهما منذ قدومه إلى أستراليا في عام 2006.
وذكرت والدته أنها ظلت “تلطم خديها وتبكي”، عندما تلقت اتصالاً أبلغها بأن ابنها قد أصيب في “حادث”، مضيفة: “لقد رأى الناس تفقد أرواحها، وعندما نفدت ذخيرة ذلك الرجل (مطلق النار)، أخذها (البندقية) منه، لكنه أصيب. ندعو أن يحفظه الله”.
كان أحمد الأحمد يتناول القهوة مع أحد أصدقائه في بوندي عندما سمع دوي إطلاق النار، وفقا لوالديه. ورصد أحد المسلحين رابضاً خلف شجرة، وعندما نفدت ذخيرته، اقترب منه أحمد الأحمد من الخلف، وتمكن من انتزاع السلاح من يديه.
ومضى والده قائلاً: “في نفس اللحظة، كان المُسلّح الآخر على الجسر… يبدو أنه كان يحمل بندقية قنص، أو لا أعرف، حاول قتله وأصابه في كتفه”.
وأكدا أن ابنهما وهو والد لابنتين، تبلغان من العمر ثلاث سنوات وست سنوات، كان سيفعل أي شيء لحماية أي شخص، بغض النظر عن خلفيته أو عقيدته.
وأضاف والده: “عندما فعل ما فعله، لم يكن يفكر في خلفية الأشخاص الذين ينقذهم، الناس كانوا يموتون في الشارع أنه لا يميز بين جنسية وأخرى. خاصة هنا في أستراليا، لا فرق بين مواطن وآخر”.
العائلة تطلب مساعدة رئيس الوزراء
ويرقد أحمد في المستشفى في انتظار الخضوع لجراحة لإزالة الرصاصات التي استقرت في كتفه، إذ يُشتبه في أن بعضها قد اخترقت العظم.
ويخشى الوالدان من عدم قدرتهما على مساعدة ابنهما في تعافيه بسبب كبر سنهما.
ولذلك، ناشدا حكومة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز مساعدة شقيقيه، أحدهما من ألمانيا والآخر من روسيا، للسفر إلى أستراليا لدعم الأسرة.
وقالت والدته: “إنه يحتاج إلى المساعدة، لأنه أصبح معاقاً الآن. نحن بحاجة إلى أن يأتي أولادنا الآخرون إلى هنا للمساعدة”.
“أنا في طريقي إلى الموت”
فيما يقول صديق أحمد الأحمد، إنه كان يحتسي القهوة معه، مضيفاً في حديث لصحيفة “سيدني مورنينج هيرالد”، إن أحمد قال له قبل لحظات من المواجهة: “أنا في طريقي إلى الموت… أرجوك أن تذهب لعائلتي، وتخبرهم أنني ذهبت لإنقاذ أرواح الناس”، وذلك قبل أن ينتزع البندقية من مطلق النار.
وتابع: “كنا بحاجة إلى قهوة، وكان ذلك قبل نحو عشر دقائق فقط من وقوع الحادث. فجأة سمعنا إطلاق النار، فاحتمينا خلف السيارات، وكان الناس يركضون بينما كانت الطلقات تمر بالقرب منا. كان الموقف جنونياً”.
وأطلقت شركة CarHub Australia حملة تبرعات عبر موقع GoFundMe لدعمه، جمعت أكثر من 570 ألف دولار أميركي حتى مساء الاثنين، بمشاركة أكثر من 5700 متبرع، بينهم الملياردير الأميركي بيل أكمان الذي تبرع بمئة ألف دولار.
إشادة واسعة
وأشاد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، ورئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية كريس مينز على شجاعته.
كما أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ببطولة أحمد، قائلاً: “في أستراليا، كما قرأتم على الأرجح، كان هناك شخص شجاع جداً جداً ذهب وهاجم مباشرة أحد مطلقي النار. لقد أنقذ الكثير من الأرواح، وهو شخص شجاع جداً وهو الآن في المستشفى، مصاب بجروح خطيرة جداً. أكن احتراماً كبيراً للرجل الذي فعل ذلك”.
الشرق












