متنوع

شاشات السرعة.. خطر كبير يهدد أدمغة الأطفال

تحولت مقاطع الفيديو القصيرة على الإنترنت إلى جزء لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين، حيث يقضون ساعات يوميا في التصفح بين مقاطع متنوعة من المرح والمواقف الطريفة والصدمات السريعة.

بينما توفر هذه المنصات ترفيها سريعا وفرصا للتواصل، إلا أن تأثيرها على النمو العقلي والعاطفي للأطفال أصبح محط اهتمام الباحثين.

من النوم والتركيز إلى القدرة على ضبط الانفعالات وتطوير مهارات الإبداع، تظهر الدراسات أن الاستخدام المفرط لمقاطع الفيديو القصيرة يمكن أن يترك آثارًا طويلة المدى على أدمغة الأطفال، ما يجعل فهم هذه الظاهرة خطوة أساسية لحماية جيل كامل.

تطبيقات مثل تيك توك، إنستغرام ريلز، ويوتيوب شورتس تجذب ملايين الأطفال والمراهقين من خلال خلاصات لا نهاية لها من الفيديوهات المخصصة لكل مستخدم، ما يجعل هذه التجربة جزءًا دائمًا من روتينهم اليومي، سواء أثناء الاسترخاء أو التواصل أو التسلية.

تتميز هذه التطبيقات بأسلوبها الحيوي والجاذب، حيث تقدم محتوى مرحا، اتجاهات رائجة، ومقاطع سريعة الانتشار، إلا أن تصميمها يشجع على التصفح المستمر لساعات طويلة، وهو ما قد يشكل تحديا للأطفال الذين لا يمتلكون بعد القدرة الكاملة على ضبط النفس أو إدارة الوقت.

الأطفال يستخدمون هذه المنصات غالبا بمفردهم، مما يزيد من احتمالية تعرضهم لمحتوى غير مناسب لعمرهم.

التأثيرات السلبية

بالنسبة لبعض الأطفال، تساعد هذه المنصات في استكشاف الهوية الشخصية، وتنمية الاهتمامات، والحفاظ على الصداقات. لكن الاستخدام المكثف يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية متعددة، تشمل:

اضطرابات النوم

الضوء الساطع يؤخر إفراز هرمون الميلاتونين، ويصعب على الأطفال النوم، بينما تزيد المحتويات السريعة تقلبات المزاج وتجعل الدماغ غير قادر على الاسترخاء.

ضعف التركيز والتحصيل الدراسي نتيجة التصفح القهري المستمر.

تدهور القدرة على التحكم في الانفعالات والاندفاعات.

تراجع مهارات الإبداع والتفكير النقدي بسبب تقليل الوقت المخصص للتأمل واللعب الحر.

تأثيرات اجتماعية مثل انخفاض تقدير الذات، زيادة القلق الاجتماعي، والتأثر بالمقارنات مع أقرانهم وصور الحياة المثالية.

التعرض لمحتوى غير مناسب: يشمل المشاهد العنيفة، التحديات الخطرة، أو المحتوى غير اللائق، قبل أن يتمكن الأطفال من معالجتها أو الابتعاد عنها.

حلقة متواصلة من التوتر النفسي

التصفح القهري يقلل من الوقت المخصص للراحة أو اللعب الحر أو التفاعل مع الأسرة، ما يزيد من الضغوط النفسية ويؤثر على النمو العقلي والعاطفي والاجتماعي.

تم تصميم مقاطع الفيديو القصيرة، التي تتراوح مدتها بين 15 و90 ثانية، لتستغل رغبة الدماغ في التجديد والمكافأة السريعة، إذ يتلقى المستخدم تنويعًا مستمرًا بين الطرائف والمقالب والصدمات، ما يحفز نظام المكافأة في الدماغ بشكل فوري ويجعل فترات الراحة الطبيعية قليلة جدًا، ما يضعف قدرة الأطفال على التركيز والانضباط الذاتي.

أظهرت دراسة شاملة عام 2023 شملت حوالي 100,000 مشارك أن هناك صلة معتدلة بين الاستخدام المكثف لمقاطع الفيديو القصيرة وضعف الانتباه والتحكم التثبيطي،

كما يزداد تأثيرها على الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) أو التوتر النفسي، إذ يكونون أكثر عرضة للتصفح القهري والتقلبات المزاجية، وفق تقرير لموقع “sciencealert”.

الإرشادات والحلول العملية

بدأت بعض الحكومات والمدارس في دمج السلامة الرقمية ومحو الأمية الرقمية ضمن المناهج الدراسية، وتقييد استخدام الهواتف أثناء الدراسة.

كما تشجع منظمات مثل منظمة العفو الدولية منصات التواصل على توفير إعدادات أكثر أمانا للأطفال، والتحقق من العمر، وزيادة الشفافية في الخوارزميات.

في المنزل، يمكن للوالدين حماية الأطفال عبر الحوار المفتوح حول استخدام التطبيقات، مشاركة المشاهدة، ومناقشة تأثير المحتوى على المشاعر.

كما يُنصح بوضع روتين يومي يحد من الأجهزة قبل النوم، وتشجيع الأنشطة البدنية والهوايات، وقضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة.

مع هذه الإجراءات، يمكن للأطفال الاستمتاع بمقاطع الفيديو القصيرة بشكل آمن ودون التأثير السلبي على نموهم العقلي والعاطفي، ما يتيح لهم تجربة ترفيهية ممتعة مع حماية أدمغتهم ونومهم وتطورهم الصحي.

البيان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى