
بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح العفو للملياردير تشانغبينغ تشاو، المعروف باسم “CZ”، عاد اسم “إمبراطور العملات المشفّرة” ليتصدر العناوين مجدداً..
فالرجل الذي أسس أكبر بورصة للعملات الرقمية في العالم «بينانس»، وشكّل ملامح سوق التشفير الحديثة، بات رمزا للجدل بين الابتكار المالي والمساءلة القانونية،
فمن مسيرته من شاب مهاجر إلى ملياردير عالمي، إلى خروجه من السجن ثم نيله العفو الرئاسي، تبقى قصة CZ واحدة من أكثر القصص إثارة في عالم التكنولوجيا المالية.
تشانغبينغ تشاو، المعروف اختصارا بـ CZ، هو واحد من أبرز رواد الأعمال في مجال العملات الرقمية عالميا. وُلد عام 1977 في مقاطعة جيانغسو الصينية، وانتقلت عائلته لاحقا إلى كندا،
حيث نشأ في فانكوفر بعد أن نُفي والده خلال الثورة الثقافية الصينية. منذ صغره أبدى تشاو اهتماما بالتقنية والبرمجة، ما مهد له الطريق نحو أن يصبح أحد أغنى وأكثر الشخصيات تأثيرا في قطاع التكنولوجيا المالية والعملات الرقمية.
التعليم والبدايات المهنية
درس تشاو علوم الكمبيوتر في جامعة مكغيل في مونتريال، كندا، حيث اكتسب خلفية قوية في البرمجة والهندسة الرقمية. بعد التخرج، عمل في بورصة طوكيو وبلومبرغ، وساهم في تطوير أنظمة تداول سريعة وعالية الكفاءة.
في عام 2005، أسس شركة Fusion Systems في شنغهاي، التي ركزت على تطوير أنظمة التداول عالية السرعة، ما أكسبه خبرة عميقة في الأسواق المالية الرقمية.
الانخراط في عالم العملات الرقمية
في عام 2013، بدأ تشاو الانخراط في العملات الرقمية عبر العمل مع Blockchain.info كمدير للتطوير، ثم انضم إلى منصة OKCoin كمدير تقني.
هذه الخبرات منحته رؤية شاملة حول إدارة البورصات الرقمية وأمن المعلومات، وهو ما ساعده لاحقًا في إطلاق مشروعه الأكبر.
تأسيس منصة بينانس
في عام 2017، أسس تشاو منصة «بينانس»، التي أصبحت سريعًا أكبر بورصة للعملات الرقمية في العالم من حيث حجم التداول.
تميزت «بينانس» بتقديم منتجات مبتكرة مثل عملة بينانس (BNB)، والعروض الأولية للعملات (IEOs)، وخدمات التمويل اللامركزي (DeFi). خلال ثمانية أشهر فقط، تمكنت «بينانس» من تحقيق انتشار عالمي واسع، مما عزز مكانة CZ كأحد أبرز الشخصيات في صناعة التكنولوجيا المالية.
الإنجازات والثروة
تُقدّر ثروة تشاو وفق مجلة فوربس بنحو 61 مليار دولار أمريكي، ما يجعله في المركز الـ24 بين أغنى الأشخاص عالميا، ويصنف كثاني أغنى شخصية في مجال العملات المشفرة، يليه في التصنيف بريان أرمسترونغ مؤسس Coinbase، الذي تبلغ ثروته نحو 11 مليار دولار.
ورغم اعترافه بالذنب وتنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي في نوفمبر 2023 كجزء من تسوية مع وزارة العدل الأمريكية، زادت ثروته حتى أثناء سجنه بسبب ارتفاع قيمة حصته البالغة 90% في بورصة «بينانس» إلى نحو 33 مليار دولار.
ومع أن «بينانس» دفعت غرامة قدرها 4.3 مليارات دولار للحكومة الأمريكية، لم يتأثر صافي ثروته الشخصية سوى بمبلغ 50 مليون دولار.
هيمنة Binance وحصة BNB
بعد اعتراف CZ بالذنب، ارتفعت حصة Binance في سوق العملات المشفرة إلى 42% من إجمالي التداولات العالمية، بزيادة قدرها 4% عن الشهرين السابقين لتسوية الشركة مع وزارة العدل الأمريكية.
بالإضافة إلى ذلك، يمتلك تشاو 94 مليون وحدة من عملة BNB، أي نحو 64% من إجمالي 147.5 مليون عملة متداولة، ما يمثل جزءًا كبيرًا من ثروته ويعزز تأثيره المالي داخل منظومة العملات الرقمية.
التحديات القانونية
واجه تشاو تحديات قانونية كبيرة، حيث أقر بالذنب في تهم غسل الأموال وانتهاك العقوبات الدولية، واستقال من منصبه كرئيس تنفيذي لبينانس، وحُكم عليه بالسجن لمدة أربعة أشهر، أكملها بحلول سبتمبر 2024.
بعد ذلك، حصل على عفو رئاسي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكتوبر 2025، ما يمهد لإمكانية عودة بينانس إلى السوق الأمريكية رسمياً.
أسلوب القيادة والرؤية
يُعرف تشاو بأسلوبه القيادي الديناميكي وتركيزه على الابتكار، حيث اعتمد على ثقافة مؤسسية مرنة داخل Binance مكنتها من التوسع السريع والتكيف مع سوق العملات الرقمية المتغير باستمرار.
كما اهتم بتجربة المستخدم والأمان، ما جعل Binance منصة مفضلة للمتداولين والمستثمرين عالميًا.
تأثيره على الصناعة
ساهم تشاو في تطوير منظومة كاملة للعملات الرقمية، بما يشمل التداول، التمويل اللامركزي، وإطلاق العملات الجديدة بطريقة منظمة.
كما ساعد على زيادة وعي المستثمرين بمخاطر وفوائد العملات الرقمية، مما جعل السوق أكثر شفافية وأمانًا. تأثيره يمتد أيضًا إلى تعزيز مكانة العملات الرقمية كأصل مالي شرعي عالميًا.















