كل من يعرف النجمة السورية نور علي يُدرك أنها لم تختلف نهائياً على مستوى التعاطي الإنساني، منذ كانت طالبة في «المعهد العالي للفنون المسرحية» في دمشق، إلى أن أصبحت من النجمات الأكثر شهرة عربياً. ظلّت ميزتها الظاهرة هي عفويتها وتواضعها وسعيها لأن تكون حقيقية في كل تفاصيل حضورها الشخصي والمهني.
في حديث أجرته مع صحيفة “الأخبار” اللبنانية، روت الحسناء السورية كيف كانت تمضي أيّامها في بلادها المكلومة، وهي تحارب اليأس والكآبة، وكيف زادت ظروف الحرب من إصرارها واجتهادها لتحقق حلمها في مهنتها.
وكان لافتاً صراحتها المطلقة آنذاك في الحديث عن الدراما المُعرّبة التي أطلقت شهرتها على مستوى واسع، إذ قالت: «لم يكن لديّ خيار أفضل من الدراما المعربة، وكنت أشعر أنه يتوجّب عليّ أن أكون جزءاً من هذه الأعمال».
وعن موجات النقد التي تواجه هذا النوع، ردّت حينها بأن «كل رأي موضوعي يستحق الاحترام، ولكن يبقى التباين بين الأمزجة هو الأساس، عدا عن أن الدراما أنواع، وهذه إحداها. أما سلبيّتها بالنسبة لي فكانت غيابي عن الدراما السورية لفترة طويلة».
عبّرت بوضوح عن علاقتها بالمخرجين السوريين، وتمنّت أن تكون حاضرة في أعمال الليث حجو بسبب «ما تمتاز به أعماله من هوية فنية خاصة»، حسب قولها. فكان لها في الموسم الأخير ما أرادت، عندما اختارها مخرج «ضيعة ضايعة» لتكون بطلته المطلقة في مسلسله “البطل” (كتابته مع رامي كوسا ــ بطولة: بسام كوسا، هيما إسماعيل، وسام رضا، محمود نصر، رسل حسين، وآخرين).
وفيه، أدت علي بطريقة عميقة وبمساحات حضور واسعة، جعلتها تخطف الانتباه وتشُدّ البساط نحوها، وتقول صراحة إنها محطّ ثقة عندما يكون النوع يحتاج إلى تجسيد عميق وتظهير ساطع لتباينات نفسية متعددة.
إذ نرصد التركيز على علاقة الأب بابنته بطريقة استثنائية، لدرجة أنه يؤخّر زواجها بسبب تعلّقه الزائد بها، ثم تدفع الثمن بحملها من خطيبها الذي سيموت في الحرب.
الحالة المترفة بالواقعية بين «الأستاذ» (بسام كوسا) وابنته (نور علي) هي طرح جديد يوغل في خصوصية مثل هذه العلاقات الإشكالية وغيرها من الظروف العصيبة، التي ستأخذها نحو مطارح محمومة في النهايات، خاصة بعد موت خطيبها، واكتشافها أنها حامل منه، لتواجه مصيراً شائكاً وتفاصيل حياتية واقعية موجعة.
تمكّنت نور من ترجمة هذه التفاصيل أدائياً بصيغة رصينة، وأسلوب رشيق يختلف بين مكان وآخر، خاصة عند آلية بناء العلاقة مع الشريك كل مرة على حدة… واحدة مع أبيها، رجلها الأول وقدوتها الآسرة، والثانية مع حبيبها وشريك عمرها، والثالثة مع أمها، صديقتها وبيت أسرارها، ثم مع شقيقها الوحيد، القريب من منطق تفكيرها رغم التباعد الظاهر في الواجهة بين الاثنين.
لتكون خلاصة النتيجة: شخصية مؤثرة، تمكّنت صاحبتها من قطف نجاح يُضاف إلى تاريخها.
