محليات

 نهضة حرفية في كفرزيتا بريف حماة.. مع عودة 2800 عائلة

في مشهدٍ يُعيد إلى الأذهان روحَ الصمود السوري الأصيل، تعود أناملُ صُنّاع كفرزيتا لتحيكَ من الخشب والحديد والألمنيوم قصةَ نجاحٍ جديدة،

تروي حكايةَ بلدةٍ عادت إلى الحياة بعد سنواتِ الظلام، لتبنيَ بمطرقةِ النجّار، وسنّ الحداد، ومقصّ الألمنيوم، مستقبلاً مشرقاً يجمع بين أصالةِ الماضي وطموحِ المستقبل.

إحصائيات تُعيد الأمل

بعد عودةِ أكثر من 2800 عائلة إلى بلدة كفرزيتا شمالي حماة، تشهد البلدة نهضةً حرفيةً ملحوظة حيث عادت المهنُ اليدويةُ التقليدية لتحتلَّ مكانتها كأحد أهمِّ مقوماتِ الاقتصاد المحلي، وفق ما أكّده موسى الصطوف، رئيس اللجنة المجتمعية الخدمية في البلدة.

يقف بشار المصطفى في ورشته المتواضعة، وهو يقطع ألواحَ الألمنيوم بدقةٍ متناهية، مبتسماً وهو يُحدّثنا عن الإقبال المتزايد على منتجاته: “نسبة الإقبال على الألمنيوم جيدة جداً، لكن الأسعار تتفاوت بين 40 و55 دولاراً للمتر، حسب النوعية واللون”،

ويُضيف بأن الطلب يأتي من مختلف المناطق المحيطة، ما يُشكّل مؤشراً إيجابياً على عودةِ الحياةِ التدريجية للمنطقة.

النجارة والحدادة: حرف الأجداد تعود بحُلّةٍ جديدة

من داخل ورشته التي تعجُّ برائحة الخشب الطبيعي، يتحدث محمد حسن العبد الله عن واقعِ مهنةِ النجارة اليوم: “الحاجات كبيرة جداً، لكن قلة الآلات تقف عائقاً أمام تلبية المطالب الأهلية”، ورغم التحديات إلا أن عيون محمد تشعُّ تفاؤلاً، وهو يتحدث عن مستقبلِ الحرفة التي ورثها عن أجداده.

أما عبد الرحمن الخلف، صاحب ورشة الحدادة، فيشرح بلهجةٍ فيها الكثير من الحماسة: “الطلب على الحديد قوي بشكل كبير، نتيجة النهب من عناصر النظام البائد”، ويتراوح سعر المتر الواحد من الحديد بين 80 و85 دولاراً، حسب المقاس، ما يعكس حاجة السوق الملحّة لهذه المنتجات.

كفرزيتا.. بلدة الصناع والأصالة

تشير الإحصاءات غير الرسمية إلى وجودِ العشرات من ورشِ العمل الصغيرة التي انتشرت في أحياء البلدة حيث وجد الشباب في هذه المهن مصدرَ رزقٍ كريم، وبدايةً لمسارٍ مهنيٍّ واعد.

ورغم التفاؤل السائد إلا أن الحرفيين يواجهون تحدياتٍ كبيرة، أبرزها: نقصُ الآلات والمعدات الحديثة، وارتفاعُ أسعار المواد الخام، والحاجةُ إلى دوراتٍ تدريبيةٍ لتطوير المهارات، وضرورةُ فتحِ أسواقٍ خارجيةٍ للمنتجات.

كفرزيتا، البلدة التي اشتهرت بصناعاتها اليدوية عبر التاريخ، تعود اليوم لترسم بصمتها الخاصة على خارطةِ الصناعة السورية، ولتُثبت أن إرادةَ الحياة أقوى من كلِّ الدمار، وأن أناملَ الصناع السوريين قادرةٌ على بناءِ ما دمرته سنواتُ الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى