محليات

نازحو شمال سورية.. يشكون ضعف المساعدات وقلة الخدمات

لا تزال آلاف العائلات السورية تُقيم في المخيمات، لا سيما في شمال غرب البلاد، وسط تراجع الاستجابة الإنسانية والنقص في الخدمات الأساسية، خاصة في مجالات الصحة والمياه والمساعدات، وتعجز هذه العائلات عن العودة إلى بلداتها التي تعرضت للدمار وما زالت تفتقر إلى الخدمات، رغم مرور نحو تسعة أشهر على سقوط نظام الأسد.

النازحة فاطمة الهرموش تقيم في مخيم بابيلا العشوائي شمال إدلب، وتشكو تجاهل نازحي المخيمات وقطع المساعدات الإنسانية عنهم. وتقول لـ”العربي الجديد”، إن توقف المساعدات الإنسانية منذ مطلع العام الحالي ترك العائلات في مواجهة أوضاع معيشية بالغة الصعوبة.

وبالنسبة لعائلة الهرموش، كما هو حال كثير من الأسر النازحة العاجزة عن مغادرة المخيم، شكّلت سلة المساعدات الغذائية الشهرية في أحيان كثيرة مصدر البقاء الوحيد. غير أن فقدانها فاقم معاناتها، ودفعها إلى الاعتماد على ما قد يتيسر من مساعدات الأقارب، إن وُجدت، كما تسبب في تراكم الديون التي أثقلت كاهلها.

وبينت الهرموش، أن غياب فرص العمل في المخيمات حال دون قدرة الكثير من العائلات على تأمين احتياجاتها الأساسية، خصوصا في ظل الغلاء الفاحش، موضحة أن أطفالها ينامون أحيانا من دون وجبة عشاء. وأشارت إلى أن توقف الدعم لم ينعكس فقط على الأمن الغذائي، بل ساهم أيضا في تعميق الإحساس بالعزلة واليأس لدى النازحين الذين يعيشون ظروفا قاسية بين الجوع والفقر.

وعن ما وزّعته بعض المنظمات الإنسانية مؤخراً في مخيمات الريف الشمالي بمحافظة إدلب، قالت: “لم يصلنا شيء حتى الآن، ونرجو أن نحصل على مساعدات تزامناً مع عودة المدارس”. وأضافت: “يبدو أننا سنصبح منسيين في هذه المخيمات”.

بدوره، أفاد النازح مروان العارف، من مخيم قرب الحدود السورية التركية بريف إدلب، بأن انقطاع دعم مياه الشرب منذ عدة أشهر يفاقم معاناة الأسر النازحة. وقال لـ”العربي الجديد”، إن الأهالي أصبحوا مضطرين لجلب المياه من مصادر بعيدة وبأسعار مرتفعة، ما يزيد الأعباء المالية ويجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة، ويلقي بظلاله خاصة على فئات الأطفال وكبار السن.

وأوضح المتحدث، أن هذا النقص في المياه أثر على النظافة الشخصية وصحة الأطفال، مشيرا إلى أن الظروف الصحية تزداد سوءا مع استمرار الانقطاع، وأن الأزمات الإنسانية تتفاقم حين تتوقف المساعدات الأساسية مثل المياه، لتصبح العائلات في مواجهة تحديات يومية كبرى بلا أي دعم مباشر.

في المقابل، تواصل بعض المنظمات الإنسانية العمل على مشاريع تتعلق بدعم النازحين في المخيمات، ومنها منظمة “يدا بيد للإغاثة والتنمية”، التي تنفذ “مشروع المياه والإصحاح البيئي” في منطقتي باب الهوى والدانا شمال غربي سورية، دعما للعائلات التي لا تزال تعيش في المخيمات ولم تتمكن من العودة إلى قراها.

ويستهدف المشروع تسع مخيمات يقيم فيها أكثر من 21 ألف شخص، بهدف تخفيف الأعباء اليومية عنهم من خلال تزويدهم بالمياه النظيفة، وترحيل القمامة، وتشغيل محطتين لتوفير مصدر مستدام للمياه.

وفي هذا السياق، قال مسؤول المشروع في برنامج المياه والإصحاح في المنظمة، المهندس محمد مازن نعنع، لـ”العربي الجديد” إن الهدف دعم العائلات المتبقية في المخيمات ضمن منطقة شمال إدلب، في ظل تراجع الدعم الإنساني، والوقوف إلى جانبها حتى تتمكن من المغادرة.

من جانبه، أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية، آدم عبد المولى، الثلاثاء، أن سورية لا تزال تعاني من أزمة النزوح، حيث إن أكثر من ستة ملايين شخص ما زالوا نازحين داخل البلاد، وأكثر من ستة ملايين آخرين ما زالوا لاجئين في جميع أنحاء العالم.

وأضاف في حديثه للصحافيين، أن نحو 24% من المساكن في سورية تعرضت للأضرار أو التدمير خلال السنوات الماضية. ولفت إلى العجز في مستويات الاستجابة الإنسانية، مبينا أن خطة الاستجابة في سورية لعام 2025 لم تتلق سوى 14% من حجم الدعم المطلوب.

من جهتها، أكدت منظمة “أطباء بلا حدود”، أن الظروف المعيشية لا تزال متردية في مخيمات النزوح شمال غربي سورية، حيث يتعرض النازحون لخطر الإصابة بالأمراض المعدية، ومنها التهاب الجلد، وانتشار الجرب، بينما يواصل مكتب منظمة الصحة العالمية عبر الشركاء وعبر فرق متنقلة تقديم اللقاحات للأطفال منعا لانتشار الأمراض في المخيمات.

العربي الجديد- عبد الله البشير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى