محليات

مقتل شقيقين في حلب يفتح ملف السلاح المتفلت والثغرات الأمنية

شهدت مدينة حلب، مساء أمس الجمعة، جريمة مروعة هزت الشارع الحلبي، بعدما أقدم مسلحان على اقتحام محل “نعسو” لتجارة الذهب في حي الهلك، وأطلقا النار بشكل مباشر على شقيقين يعملان في المحل، ما أدى إلى مقتلهما على الفور، وإصابة عدد من المواطنين الذين صودف وجودهم في الشارع لحظة الهجوم.

وأسفرت الجريمة عن مقتل الشقيقين أحمد نعسان ويامن نعسان، بالتزامن مع اليوم الثاني من حملة التبرع الوطنية “حلب ست الكل” التي تهدف إلى جمع التبرعات لدعم مشاريع إعادة الإعمار وتعافي المحافظة من آثار الحرب.

وتداولت منصات التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً التقطته كاميرات المراقبة داخل المحل، يظهر اقتحام مسلحين ملثمين المكان، وإطلاق النار بشكل مباشر على الشقيقين من دون أي احتكاك مسبق، قبل أن يلوذا بالفرار.

وقال عبد الرزاق السليم، أحد أقرباء الضحيتين، أن “الشقيقين لم تكن لديهما أي مشاكل أو خلافات مع أي جهة، ومعروفان بسيرتهما الحسنة”.

وأضاف لـ”العربي الجديد:” لم يسرق شيء يذكر من المحل، وكل ما جرى كان إطلاق نار مباشراً من شخصين يتحدثان الكردية بحسب شهود، وكأن الهدف القتل فقط، لا السرقة”. وأشار إلى أن الشقيقين الضحيتين تعود أصولهما إلى مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، واستقرا في حلب منذ سنوات، ولم يتلقيا أي تهديدات سابقة.

من جهته، قال مصدر أمني مطلع لـ” العربي الجديد” إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن “طريقة التنفيذ لا تشبه الجرائم الجنائية التقليدية المرتبطة بالسرقة”، لافتاً إلى أن “إطلاق النار المباشر، وعدم الاستيلاء على كميات تذكر من المصاغ الذهبي، وتوقيت العملية، كلها مؤشرات على عمل منظم يهدف إلى زعزعة الأمن”.

وأضاف المصدر مفضلًا عدم الكشف عن اسمه: “هناك معلومات يجرى التحقق منها حول هوية المنفذين، بما في ذلك اللغة التي كانا يتحدثان بها أثناء التنفيذ، لكن لا يمكن الجزم بأي تفاصيل قبل انتهاء التحقيقات”.

ويرى المصدر أن الوضع الأمني في مدينة حلب يختلف عن باقي المحافظات، نظراً إلى تداخل مناطق السيطرة، ووجود أحياء خارجة عن سيطرة الدولة بشكل مباشر، مثل حيي الشيخ مقصود والأشرفية الخاضعين لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ما يشكل ثغرات تستغل من قبل مجرمين وفلول وشبكات خارجة عن القانون للاختباء والتنقل.

وأشار إلى أن “هذا الواقع يفرض تحديات إضافية على ضبط الأمن، لكنه لا يعفي الجهات المعنية من مسؤولياتها، مؤكداً أن “الأجهزة الأمنية عازمة على عدم ترك أي جريمة قتل ضد مجهول، والملاحقات مستمرة، وهناك تنسيق أمني مكثف لتعقب الجناة وسد هذه الثغرات بالتعاون مع الجهات المختصة”.

وفي أول تعليق رسمي، وجه محافظ حلب الجهات المعنية بـ”مواصلة التحقيقات بحزم، وملاحقة الجناة أينما كانوا”، مؤكداً التزام الدولة بـ”حماية أمن المواطنين وعدم التهاون مع أي اعتداء يهدد الاستقرار”. 

وفي المقابل، عبر أهالي مدينة حلب عن غضبهم واستيائهم الشديدين من الجريمة، معتبرين أنها تشكل ضربة قاسية لحالة الاستقرار النسبي التي تحاول المدينة ترسيخها بعد سنوات من الحرب.

وقال أيهم الحداد، من حي الهلك الذي وقعت فيه الجريمة، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إن تكرار مثل هذه الحوادث يعمق شعور الخوف لدى المدنيين، لا سيما مع وقوع الجريمة في وضح النهار وأمام المارة. 

وطالب بمحاسبة الفاعلين بأقصى العقوبات، محذراً من أن التساهل مع الجرائم العنيفة يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى، ويقوض أي جهود حقيقية لإعادة الإعمار وعودة الحياة الطبيعية، في حين حمل آخرون انتشار السلاح غير المنضبط مسؤولية تصاعد أعمال العنف، معتبرين أن غياب الضبط الصارم للسلاح يحول الخلافات أو الأجندات التخريبية إلى جرائم دموية يدفع ثمنها الأبرياء.

ورأى ماهر الصباغ، من حي صلاح الدين في حلب، أن مشهد مقتل الشقيقين داخل مكان عملهما وإصابة مدنيين في الشارع لا ينسجم مع صورة مدينة تحاول النهوض من ركام الحرب، ويبعث برسائل سلبية للسكان وللمستثمرين على حد سواء، مطالباً الجهات المعنية باتخاذ إجراءات ملموسة تعيد الثقة بالأمن وتمنع تكرار مثل هذه الجرائم. 

وتأتي هذه الجريمة في وقت تحاول فيه حلب استعادة دورها الاقتصادي والاجتماعي، وسط حملات دعم وإعمار، ما جعل من الحادثة صدمة مضاعفة للسكان الذين يخشون أن تكون محاولة لضرب حالة الاستقرار النسبي، وإعادة المدينة إلى مربع الخوف.

مقتل شخصين في إطلاق نار وسط سورية

من جهة أخرى، قتل شخصان وأصيب آخرون، اليوم السبت، من جراء هجوم مسلح في بلدة صبورة شمال مدينة سلمية، وسط سورية. 

وذكرت وزارة الداخلية السورية في بيان نشرته على معرفاتها الرسمية أن بلدة الصبورة في ريف حماة الشرقي شهدت، صباح اليوم، حادثة إطلاق نار عشوائي نفذها أشخاص مجهولو الهوية في شارع السوق بالبلدة، أسفرت عن وفاة اثنين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة. 

وأضاف البيان أن الجهات المختصة “باشرت فوراً في تأمين موقع الحادث وفتح تحقيق شامل ودقيق لكشف ملابساته، وتحديد هوية الجناة وملاحقتهم لتقديمهم إلى العدالة”. وأكدت الوزارة “التزامها الكامل والمطلق بحماية أمن المجتمع واستقراره، وملاحقة المجرمين والمتورطين بكل حزم”.

وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أن شخصين مجهولين يستقلان دراجة نارية أطلقا النار على المارة ومجموعة محال تجارية، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح. 

وأوضحت أن البلدة التي تقطنها أغلبية من الطائفة العلوية شهدت استنفاراً أمنياً لملاحقة منفذي الهجوم، الذي يأتي بعد يوم على مقتل شقيقين داخل محل مجوهرات في حلب، شمالي سورية. 

وذكرت شبكات محلية أن السلطات الأمنية بالتعاون مع الأهالي ربما تمكنت من إلقاء القبض على منفذي اعتداء الصبورة، وذلك بعد ملاحقة دقيقة في منطقة المقبرة على طريق بركان، حيث جرت محاصرتهم هناك، لكن دون تأكيد ما إذا اعتُقلوا أم لا.

 وتتواصل حوادث القتل في سورية، بينما تشهد معظم المناطق انتشاراً للسلاح العشوائي، في ظل الفوضى الأمنية التي أعقبت سقوط النظام السابق ووقع كثير من الأسلحة بيد الأهالي.

وترجع أسباب هذه الجرائم إلى السرقة أو الانتقام أو النزاعات الشخصية، إضافة إلى أسباب طائفية أو تحت تأثير المخدرات.

العربي الجديد: هاديا المنصور- عدنان علي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى