
وقّع مصرف سورية المركزي مذكرة تفاهم مع شركة “ماستركارد” الأميركية، اليوم الأحد، لإدخال أنظمة دفع إلكترونية متطورة إلى السوق السورية، في وقت يعيش فيه الاقتصاد المحلي واحدة من أصعب مراحله بفعل العقوبات والقيود المفروضة على القطاع المصرفي.
ويثير الاتفاق، الذي يشمل تطوير البنية التحتية للمدفوعات وإصدار بطاقات محلية ودولية وربط المصارف السورية بشبكات الدفع العالمية، أسئلة أكثر مما يقدّم إجابات حول آليات التنفيذ في بلد يعاني من عزلة مالية خانقة.
ومنذ أكثر من عقد، خرجت سورية تدريجياً من النظام المالي العالمي، بعدما شملت العقوبات الأميركية والأوروبية معظم البنوك العامة والخاصة، ما أدّى إلى قطع علاقاتها بمصارف المراسلة الخارجية، وجعل التحويلات المالية عملية معقّدة ومكلفة.
واليوم، يأتي الاتفاق مع “ماستركارد” ليعيد إلى الواجهة حلم إدماج سورية في البنية التحتية المالية الدولية، لكن من دون وضوح كافٍ حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستتجاوز فعلياً الحواجز القانونية واللوجستية التي تراكمت خلال السنوات الماضية.
الخبير الاقتصادي منذر الإبراهيم يرى أنّ إدخال أنظمة الدفع الالكتروني يمثّل تطوراً ضرورياً لتحديث القطاع المالي السوري، لكنه يحذّر في الوقت نفسه من الإفراط في التوقعات، فـ”المشكلة ليست تقنية فقط”، يضيف الإبراهيم لـ”العربي الجديد”،
معتبراً أنّ نجاح التجربة “يتطلب إصلاحات تشريعية ومصرفية عميقة، إضافة إلى بيئة آمنة للمدفوعات الرقمية، وثقة حقيقية بين المصارف والمستخدمين”. ويشير إلى أنّ العقوبات “ستبقى العائق الأكبر أمام أي محاولة لربط سورية بشبكات الدفع العالمية، حتى لو توفرت البنية التحتية والأدوات التقنية اللازمة”.
ويشير الإبراهيم إلى أن “المدفوعات الإلكترونية يمكن أن تُحدث فرقاً في الحياة اليومية إذا جرى تبنّيها محلياً، خصوصاً في تقليل الاعتماد على النقد وتسهيل عمليات البيع والشراء داخل البلاد”.
لكنه يؤكّد أنّ “أي توسّع نحو الخارج سيبقى رهين التفاهمات الدولية، وإلا فإنّ الخدمة قد تبقى محصورة في الداخل من دون أن تغيّر فعلياً في موقع سورية ضمن الخريطة المالية العالمية”.
وتقوم ميزة الدفع الإلكتروني على إتاحة إنجاز المعاملات المالية عبر البطاقات المصرفية أو المحافظ الرقمية بدلاً من التداول التقليدي للنقد. وهذه التقنية توفّر للمستخدمين سرعة وأماناً أكبر،
إذ يمكن من خلالها شراء السلع ودفع الفواتير وتحويل الأموال محلياً ودولياً بضغطة زر، من دون الحاجة إلى حمل مبالغ نقدية أو القلق من فقدانها. كما تُسهّل على الشركات والمؤسسات إدارة تعاملاتها المالية وتوثيقها إلكترونياً، ما يفتح الباب أمام اقتصاد رقمي أكثر شفافية وكفاءة.
وتبدو مذكرة التفاهم مع “ماستركارد” أقرب إلى إعلان نيات قد يحتاج إلى سنوات من العمل والإصلاحات قبل أن يتحوّل إلى واقع ملموس، في بلد تتشابك فيه الأزمات الاقتصادية مع القيود السياسية والقانونية، ويبحث عن نافذة صغيرة للعودة إلى الاقتصاد الرقمي العالمي.
العربي الجديد- نور ملحم















