إلغاء العقوبات الأميركية: متى ينتعش السوريون اقتصادياً ؟

انتظر السوريون طويلاً القرار الأميركي برفع العقوبات التي أرهقت كاهل سوريا خلال العقد الماضي، ومع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض، أعلن إلغاء هذه العقوبات، ومنح سوريا فرصة «للازدهار» بحسب وصفه.
وقال ترامب إن سوريا «عانت من بؤس شديد وموت كبير ومن حروب لمدة طويلة وعمليات قتل امتدت لسنوات»، آملاً أن تنجح الإدارة الحالية في إحلال الاستقرار والحفاظ على السلام، وذلك أثناء كلمته في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي.
وقبل إعلان ترامب، تمحورت الشروط الأميركية حول ضرورة تمثيل الأقليات، ومحاربة الإرهاب، وتدمير ما تبقى من مخزون الأسلحة الكيماوية، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب العسكرية العليا، والمساعدة في مساعي العثور على الصحافي الأميركي المفقود في سوريا أوستن تايس، بالإضافة إلى التحقيق العادل في جرائم الساحل ومحاسبة المتورطين.
ورغم عدم تحقيق الشروط بشكل فعلي على الأرض من قبل الحكومة السورية، يرجح محللون إلى أنّ أميركا تلقت ضمانات سورية بتنفيذ البنود جميعها في المرحلة المقبلة، ما جعل ترامب يعلن القرار من الرياض يوم أمس.
خشية من التلاعب بالقرار
حاجة السوريين خلال السنوات الماضية إلى كل أساسيات الحياة، من كهرباء وغذاء وماء، يفسر مسارعتهم إلى الشوارع عقب إعلان ترامب والاحتفال بإلغاء العقوبات، آملين أن يفتح ذلك صفحة جديدة في حياة السوريين لا يعانون فيها من الحاجة والتضخم وقلة السيولة.
وانقسمت آراء الشارع السوري بين متفائل ومتشائم بالقادم، فمنهم من يخشى التلاعب الأميركي بالإجراءات التنفيذية لقرار ترامب، وترجمته بطريقة لا تلبي طموحات السوريين، وتقوّض فرحتهم بالقرار.
بينما قال آخرون إنّ تصريحات ترامب كانت واضحة، ولا بد أنّ تلغى العقوبات المفروضة على سوريا تباعاً، ما يحقق انفراجات في الحياة اليومية للسوريين، ويحيي عجلة الاقتصاد في البلاد.
انفراجات لكنها ليست في المدى المنظور!
وفي تفاصيل أكثر عن فاعلية قرار ترامب على السوريين، أكد الخبير الاقتصادي، عمار يوسف، لـ«الأخبار»، أنّ الرئيس الأميركي تحدث عن إيقاف العقوبات الأميركية على سوريا، وهذا الإيقاف من ضمن صلاحياته، ولكن إلغاء العقوبات تماماً لا يتم إلا بموجب أوامر تنفيذية مصادق عليها أميركياً.
وطرح يوسف قانون «قيصر» مثالاً، قائلاً إنّه «لا يمكن للرئيس الأميركي إلغاؤه، ولكن ضمن القانون يوجد مادة تجيز إيقاف بعض العقوبات، أو تقديم بعض الإعفاءات خاصة في ما يتعلق بالحالات الإنسانية. أما الإلغاء الكلي، فهو بحاجة إلى قرار من الكونغرس للقيام بهذه الخطوة».
وعن النتائج الإيجابية لقرار ترامب سورياً، قال يوسف إنّ «النظام الاقتصادي السوري سيصبح ضمن النظام الاقتصادي المالي الغربي، كما إنّ القرار سيفتح الطريق أمام الاستثمار الغربي، وتحويلات العملة الصعبة من وإلى سوريا».
وتابع أنّ المصارف السورية ستصبح معترفاً بها، بالإضافة إلى ارتفاع الحظر عن سوريا وإعادتها إلى نظام «سويفت» لتبادل النقد.
ولفت يوسف إلى أنّه خلال المدة القادمة «لن يشعر السوريون بالفرق الكبير في حياتهم الاقتصادية اليومية، إنما سيبدأ التحسن على أرض الواقع مع بدء تطبيق الإعفاءات التي تضمنها قرار ترامب، والشروع في حركة الاستثمار، وعندها ستدخل سوريا في حالة من الانتعاش وإعادة إقلاع العجلة الاقتصادية».
وعن تذبذب أسعار الدولار وهبوطه الحاد بالتزامن مع إعلان قرار ترامب، قال يوسف إنّ «الارتفاعات والانخفاضات وهمية متعلقة بالتطورات السياسية، والمتضرر منها هم المضاربون، والسوريون الذين لديهم مدخرات من الدولار، وسارعوا إلى بيعها خوفاً من استمرار الهبوط إلى مستويات متدنية».
وأشار يوسف إلى أنّ «السعر الحقيقي للدولار يدل عليه سعر سلة غذائية في سوريا، ولأن الأسعار لم تهبط في الأسواق، فمن وجهة نظر أهل الاقتصاد الانخفاض وهمي، والدولار قابل للارتفاع في المدة المقبلة».
صحيفة الأخبار