قرية البيضا بطرطوس.. ذاكرة دامية لوحشية النظام البائد

في أيار من عام 2013، تحولت قرية البيضا الواقعة على بعد 12 كيلومتراً جنوب مدينة بانياس في محافظة طرطوس إلى مسرح لمجزرة مروعة ارتكبتها قوات النظام البائد، راح ضحيتها 250 شهيداً من سكانها، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، وفقاً لشهادات الأهالي ومصادر محلية.
اجتياح دموي ومجزرة جماعية
رئيس بلدية البساتين، عمر جميل وحود، أكد أن قوات الدفاع الشعبي والأمن العسكري وجيش النظام السابق حاصروا القرية مطلع أيار 2013، وبدؤوا بتمشيط الحارة الجنوبية وصولاً إلى ساحة القرية،
حيث جُمعت العائلات في مجموعات، قبل أن تبدأ عمليات القتل الجماعي والتنكيل، تخللها حرق للمنازل وسلب للممتلكات، وأوضح أن المجزرة أدت إلى استشهاد 250 شخصاً، معظمهم من المدنيين العزل.
شهادات من قلب الألم
خالد أحمد بياسي، أحد سكان القرية فقد ابنه في المجزرة، ويروي: “داهمت القوات القرية من جميع المحاور، ولم ينجُ أحد من نيرانهم، حتى الأطفال لم يسلموا، رأيت بعيني كيف أُعدم طفل يبلغ من العمر شهرين فقط، لمجرد أنه كان يبكي”،
أما مصطفى محمد طه ففقد والده العاجز، إلى جانب عدد من أفراد أسرته، ويقول: “لم يكتفوا بالقتل، بل أحرقوا منزلي ومحلي التجاري بالكامل”، ويؤكد أسامة علي بياسي أن النظام البائد أباد عائلات بأكملها، ويشير هيثم القاضي إلى أن 35 فرداً من أسرته، بينهم إخوة وأبناء إخوة قضوا في المجزرة.
ضرار يوسف يروي تفاصيل اللحظات الأولى: “في الساعة السابعة صباحاً سمعنا صوت انفجار، ثم بدأت الشبيحة بتجميعنا في منزل واحد، أُعدم أخي لقمان أمام والدته، رغم توسلاتها، وعندما خرجت رأيت جثثاً في كل مكان، قتلوا الناس بأبشع الطرق”.
البيضا… قرية بيضاء بلون الدم
سُمّيت القرية بالبيضا نسبة إلى لون تربتها، ويقدر عدد سكانها بنحو 5780 نسمة وفقاً لإحصائية عام 2016، تحدها شمالاً مدينة بانياس، وشرقاً بلدة الخريبة، وجنوباً متن الساحل،
اليوم، تبقى البيضا رمزاً للمأساة، وندبة في ذاكرة السوريين، تروي للأجيال القادمة فصولاً من الألم، وتؤكد أن العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن الجرائم التي ارتكبها النظام البائد لن تُمحى من سجل التاريخ.
في سياق توثيق الجرائم التي ارتكبها النظام البائد بحق المدنيين، تبرز مجزرة قرية البيضا في ريف طرطوس كواحدة من أبشع الفصول في تاريخ الانتهاكات، وتأتي هذه المجزرة ضمن سلسلة من الأحداث التي شهدتها البلاد خلال سنوات القمع، حيث استخدمت فيها أدوات القتل الجماعي والتنكيل والتدمير الممنهج،
وتسعى الحكومة السورية الجديدة، عبر مؤسساتها الإعلامية والرسمية، إلى كشف الحقائق وتوثيقها بما يضمن عدم تكرارها.
سانا