محليات

شارع الدبلان… العصب التجاري الأهم في حمص

يعد شارع الدبلان في مدينة حمص من أبرز الشوارع التاريخية، ويمتد على طول يقارب كيلومتراً واحداً، ويتمتع بمكانة خاصة بين السكان والزوار، ويُعرف بأنه العصب التجاري الأهم في حمص، لاحتضانه أكبر عدد من المحال والعلامات التجارية المتنوعة.

ولم يكن هذا الشارع مجرد ممر تجاري، بل شكّل على مدى عقود متنفساً شعبياً ومقصداً للنزهة وتناول البوظة والمأكولات، إلى جانب كونه ساحة لقاءات اجتماعية بين أهالي المدينة، حيث ارتبط اسمه بالاحتفالات الشعبية والمسيرات بعد الانتصارات الرياضية أو الأحداث الوطنية، ليصبح رمزاً للتلاحم الاجتماعي والفرح الجماعي، وصورة صادقة عن روح مدينة حمص.

من شارع المتنبي إلى الدبلان… تاريخ يتجدد منذ 1926

مراسلة سانا التقت رئيس الجمعية التاريخية في حمص وأقدم أساتذة التاريخ في المدينة ياسر البيطار، الذي أوضح أن شارع الدبلان كان يُعرف في البداية باسم شارع المتنبي، ثم أخذ اسمه الحالي بعد افتتاح مقهى “أمين الدبلان” عام 1926 قرب الساقية المجاورة لسكة القطار وخلفها نادٍ رياضي للمصارعة،

مشيراً إلى أن هذا الشارع شهد فيما بعد افتتاح سينما الفاروق، كأقدم صالة سينما في حمص، ودار اللغات، إلى جانب استديوهات التصوير الشهيرة مثل حداد وصباغ، فضلاً عن عدة ورشات حرفية.

الستينيات والسبعينيات… بداية النشاط التجاري والنهضة العمرانية

وبيّن البيطار أن حقبة الستينيات حملت بدايات النشاط التجاري المنظم في الشارع بظهور مكتبات معروفة، ومحال خياطة ومشافٍ، قبل أن تبدأ في السبعينيات نهضة عمرانية ببناء الأبراج الحديثة مثل بناء الأتاسي.

سنوات الحرب… توقف الأسواق بين 2012 و2014

وأشار البيطار إلى أن الحركة التجارية في الشارع توقفت لنحو عامين بين 2012 و2014 نتيجة الاشتباكات والحصار الذي عانت منه المدينة من قبل النظام البائد، ما أدى إلى تضرر الكثير من المحلات بالسرقة والتخريب،

إلا أن الشارع سرعان ما استعاد عافيته تدريجياً بعد التحرير، ليعود اليوم مركزاً نابضاً بالحياة يستقطب آلاف الزوار يومياً، خاصة في مواسم الأعياد والاحتفالات الوطنية بالقرب من ساحة الساعة.

التجار يروون ذاكرة ستة عقود من السوق

سعد الدين نوح، وهو من تجار شارع الدبلان الذي يعود عمر محله لأكثر من ستين عاماً، قال: “عشنا مراحل متعددة من تاريخ هذا الشارع، من الزمن الذهبي الذي كان يعج بالحياة والمحال القديمة إلى فترات الركود والصعوبات، واليوم نلمس عودة قوية للحركة التجارية، وهذا يبعث الأمل في نفوسنا كتجار وأهالٍ.”

ملتقى اجتماعي لكل الشرائح

أما غسان سالم، العامل في مطعم “الشباب” منذ عقود، فأشار إلى رمزية شارع الدبلان التي تكمن في احتضانه مختلف الشرائح الاجتماعية من طلاب وعائلات وأصحاب مهن وزوار من خارج حمص، وقال: “اليوم نرى الشارع يستعيد مكانته كسوق وشريان اقتصادي وساحة لقاء اجتماعي، والحركة فيه أفضل مما كانت عليه في السنوات الماضية.”

قيم المهنة وروح التعاون بين التجار

بدوره تحدث أحمد قانصوه، صاحب أحد محال الألبسة، عن قيم المهنة الأصيلة لدى تجار الدبلان، وقال: “تميّز تجار الدبلان منذ القدم باحترامهم الكبير لمهنتهم وحرصهم على الحفاظ على سمعة السوق، وكانوا دائماً يراعون بعضهم بعضاً في العمل والتعامل، الأمر الذي ساعد على ترسيخ روح التعاون بينهم، وجعل الشارع يتمتع بمكانة خاصة لدى أهالي حمص وزواره.”

ذكريات شخصية مع المكان

المواطنة وصال أحمد من أهالي مدينة حمص أوضحت أن ما يميز شارع الدبلان هو توفر مختلف الاحتياجات في مكان واحد، الأمر الذي يجعله مقصدها الدائم للتسوق مع عائلتها، فضلاً عن ارتباطها بالمكان كوجهة اعتادت زيارتها منذ سنوات طويلة.

الطالب الجامعي حسين علي لفت إلى ارتباطه الروحي بشارع الدبلان منذ طفولته، حيث اعتاد أن يرافق أسرته لشراء مستلزمات المدرسة وملابس الأعياد من هناك، مشيراً إلى أن هذه الذكريات جعلت الشارع بالنسبة له ليس مجرد سوق، بل جزءاً من ذاكرته الشخصية التي ما يزال يحافظ عليها حتى اليوم.

الدبلان اليوم… رمز لتعافي حمص

ويعد شارع الدبلان، برمزياته ومعالمه، أكثر من مجرد سوق، إنما ذاكرة حية للمدينة، وأن انتعاشه وحيويته الدائمة سيبقيانه رمزاً لتعافي حمص وعودة الحياة إليها بعد كل ما مرّت به من محن.

سانا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى