
شهدت عدة مدن في محافظة إدلب، شمال غرب سورية، ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار العقارات السكنية بعد حالة ركود استمرت لأشهر أعقبت سقوط نظام الأسد.
ومن أبرز الأسباب التي دفعت بالأسعار إلى الارتفاع إقبال سكان مدينة حلب على الشراء، إضافة إلى حركة عودة النازحين إلى مناطقهم.
وأوضح الباحث الاقتصادي مجد أمين لـ”العربي الجديد” أنه “بعد الأشهر الأولى لسقوط النظام شهد سوق العقارات السكنية انخفاضاً حاداً في الأسعار، لأسباب منها عودة المهجّرين والنازحين إلى مناطقهم، والإقبال على البيع بخسائر تجاوزت في معظمها 40% من قيمة العقار في السوق”.
وأضاف أنه “ما أعاد دفع السوق نحو الارتفاع مؤخراً هو إقبال العائدين من تركيا وبعض الدول الأوروبية على شراء العقارات، كون الأسعار كانت في متناول شريحة واسعة منهم”.
وأوضح أن “أسعار الشقق السكنية بمساحة 100 متر في مدينة سرمدا قبل نحو 3 أشهر كانت تتراوح بين 12 و15 ألف دولار بحسب جودة الإكساء والموقع، بينما تجاوز السعر حالياً 20 ألف دولار للشقق ذاتها”.
كما انعكس ارتفاع الأسعار في المدن الكبرى شمال سورية، ومنها مدينة حلب، على الأسعار في المدن الرئيسية شمال إدلب.
وقال أمين: “مدينة الدانا، وهي مدينة تجارية تمتاز بخدمات جيدة مقارنة بمدينة حلب من حيث الكهرباء والبنى التحتية، يمكن شراء شقة سكنية فيها بمبلغ 25 ألف دولار، حيث يقدَّر سعر المتر حالياً بنحو 250 دولاراً، بينما شقة مماثلة في حلب بخدمات أدنى بكثير يتجاوز سعرها 75 ألف دولار، وهذا ما دفع تجاراً أيضاً للشراء في المنطقة”.
ونوّه إلى أن مدناً، منها “سرمدا الجديدة”، شهدت مؤخراً ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الشقق السكنية بسبب جودة الخدمات مقارنة بحلب، وزيادة الطلب بشكل ملحوظ، مبيناً أن السوق لن يشهد حالة استقرار في المدى القريب مع استمرار ارتفاع الطلب.
في المقابل، قال خالد دياب، أحد النازحين الذين اضطروا لبيع منازلهم شمال سورية، لـ”العربي الجديد”: “لم يكن القرار سهلاً، فقد بنيت بيتي على أطراف بلدة قاح بجهدي وتعب سنوات من النزوح. عشت هناك مع عائلتي سنوات صعبة حاولنا خلالها تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة وسط ظروف اقتصادية قاسية ونقص مستمر في الخدمات الأساسية”.
وتابع: “لكنني اضطررت لبيعه بنصف قيمته الحقيقية لأنه كان الطريق الوحيد الذي يتيح لي العودة إلى منزلي في ريف إدلب الجنوبي بعد تحريره من عصابات الأسد وإصلاحه بعد الدمار الذي خلفه القصف”.
من جهته، أوضح علي العمر، المنحدر من ريف إدلب الجنوبي والمقيم حالياً في ألمانيا، لـ”العربي الجديد” أنه قبل نحو شهرين اشترى شقة سكنية في مدينة سرمدا بسعر 14 ألف دولار. وقال: “تلك الفترة لم يكن الطلب كبيراً، وشراء الشقة كان أقل بنصف السعر من شراء أرض في منطقتي جنوب إدلب. فوجئت لاحقاً بارتفاع الأسعار في المنطقة، ومن الجيد أنني لم أتردد في الشراء، وإلا لما كنت قادراً اليوم على امتلاك شقة”.
ويبقى سوق العقار في شمال محافظة إدلب مرهوناً بعوامل عدة، منها حركة النزوح والعودة، وإقبال العائدين إلى سورية على الشراء، بالإضافة إلى توفر الخدمات والبنى التحتية، ولا سيما الكهرباء التي تصل لمدة 24 ساعة في معظم المنطقة. وهذا من بين أبرز الأسباب التي تشجع تجاراً من حلب وباقي المناطق السورية على الاستقرار هناك.
العربي الجديد- عبد الله البشير









