سياسة

سجّانون في صيدنايا يعترفون بجرائم.. ضرب حتى الموت وإعدامات!

بثت وزارة الداخلية السورية، ليل أمس السبت، مقطع فيديو تضمن اعترافات أدلى بها عدد من السجّانين في سجن صيدنايا خلال حكم نظام الأسد المخلوع في مواجهة سجينَين اثنين ناجيين تحدثا عن تعرضهما لعمليات تعذيب وحشية.

“تذكرتني ولا ما تذكرتني؟” “تتذكر بشو كنتوا تضربوني؟”.. بهذه العبارات بدأ جمهور منصات التواصل الاجتماعي تداول مقطع فيديو نشرته وزارة الداخلية السورية، يتضمن اعترافات لسجانين كانوا يعملون في سجن صيدنايا، المعروف بمصطلح “المسلخ البشري” وأحد أكثر معتقلات الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وأبيه حافظ إجراما في سوريا.

وقد عنونت الوزارة الفيديو الذي بثت فيه هذه الاعترافات: “وجها لوجه، يلتقي الضحية بجلاده في سجن صيدنايا، بعدما ظن أن الهروب سينهي الحكاية… لكن للعدالة باب لا يغلق”.

وأظهر المقطع شهادات ومواجهة بين بعض المساجين الذين كانوا في سجن صيدنايا وسجانيهم، حيث بدأت المواجهة بسرد طرق وأساليب التعذيب التي كانوا يتعرضون لها.

ومع نشر وزارة الداخلية المقطع، سعى رواد العالم الافتراضي إلى متابعة الاعترافات واستخلاص أهم ما جاء فيها.

فأشار مدونون إلى أبرز ما اعترف به سجانو صيدنايا: أنهم كانوا يأخذون المعتقلين إلى الغرفة، يعلقونهم بالسلاسل ويتناوبون على ضربهم حتى يموتوا!

وأضافوا بالقول: كانوا يضعونهم في الزنازين الانفرادية ويتركونهم أربعة إلى 5 أيام بلا طعام أو شراب، حتى إذا أعدموهم لا تظهر رائحة جثثهم.

وأشار أحد السجانين إلى أنه عند تنفيذ حكم الإعدام، كانوا يشغّلون أجهزة التدفئة لأن صوتها المرتفع يغطي على صراخ الضحايا.

وذكر سجان آخر في سجن صيدنايا أن أكبر عدد شاهدهم معلقين بالسلاسل كان 200 شخص، كانوا ينقلونهم إلى الإعدام ثم إلى مستشفى حرستا، حيث توضع عليهم أرقام ولا يُعرف بعدها ما يحدث لهم.

وأضاف السجان أن أحد الضباط كان يأتي ويحقن الموقوف المريض بإبرة، وبعد ربع ساعة يموت!

وأكثر ما صدم جمهور منصات التواصل حين ذكر سجان أنه كان يقدم طلبا “لصف ضابط” ليجلب لهم فتيات لاغتصابهن وقتلهن؛ واعترف هذا السجان أنه اغتصب 9 فتيات! وأنهم كانوا يطلبون الفتيات من مساعد مدير السجن بشكل دوري.

وعلق وزير الداخلية السوري أنس خطاب على المقطع قائلا “تكفي هذه الصورة لإيصال رسالة لكل حر مظلوم، مفادها أنه مهما طال ليل الظلم والإجرام، فلا بد لشمس الحرية والكرامة أن تشرق من جديد مهما طال انتظارها.”

وبعد سماع رواد العالم الافتراضي لهذه الاعترافات علقوا بالقول “لو لم نحرر في سوريا سوى سجن صيدنايا لكفى!! ولن تجد تغريدة أو كلمة تصف حقيقة هذا السجن، حتى كلمة “سجن” تبدو رحيمة بالمقارنة مع ما يحدث هناك”.

وأشار آخرون إلى أن أجمل اللحظات هي رؤية الظالم يقف ذليلا أمام من ظلمه ويعترف بما اقترفت يداه بحقه.

واعتبر بعضهم الخطوة إيجابية، قائلين “كي لا ينسى البعض أو يتناسى إجرام نظام الأسد ويتسامح مع الجلادين. العدالة هي حجر الأساس لمستقبل سوريا، ولا أمل في هدوء النفوس دون محاسبة مجرمي الحرب”.

وأضاف ناشطون أن نشر اعترافات سجاني صيدنايا خطوة مهمة جدا، وقد كتب بعضهم مرارا عن ضرورة نشر تقارير أسبوعية أو شهرية حول “المسلخ البشري” #سجن_صيدنايا على قناة الإخبارية وباقي المواقع، ليعرف العالم كله حجم المعاناة التي عشناها في ظل حكم عصابة الأسد ومن معهم.

ولفت مدونون الانتباه إلى أن سجن صيدنايا يعد مقرا لمحاكمات المجرمين والإرهابيين، وأنه يجب نقل المحاكمات علنا عبر شاشات التلفزيون ليشاهدها العالم أجمع، وتُشفى قلوب الثكالى ولو قليلا.

وأن سجن صيدنايا يجب أن يتحول إلى رمز عالمي للحرية.

وظهر في الفيديو ثلاثة سجّانين يتحدرون من بلدة خربة التين التابعة لمنطقة تلكلخ في ريف حمص الغربي، شاركوا في عمليات تعذيب وقتل واغتصاب داخل سجن صيدنايا.

وقال أحدهم، ويُدعى ماهر درويش، الذي خدم في سجن صيدنايا الأحمر: “كنا نعلق المعتقلين بالسلاسل ونتناوب على ضربهم حتى الموت، وكان يشارك بين خمسة وستة سجانين في عملية الضرب، ويتعمدون تجويع السجناء وعدم منحهم الطعام مدة خمسة أيام كي لا تصدر عنهم رائحة عند إعدامهم”.

أضاف: “عام 2023 نقلنا 130 شخصاً إلى الإعدام، وأجبرنا السجناء على نقلهم إلى السيارة، وأخذناهم إلى مشفى تشرين العسكري. وكنت أقدم طلباً لمدير السجن كي يحضر لنا النساء، ونفذت عمليات اغتصاب وقتلت النساء”.

أما السجّان حيان داوود الذي أدى ستة أشهر من خدمته الإلزامية في سجن صيدنايا، فأوضح أن السجّانين كانوا يشغلون وحدات التهوية للتغطية على صوت عمليات التعذيب والإعدام، لأن المعتقلين كانوا يصرخون بشدة خلال عمليات التعذيب قبل قتلهم.

وقال: “رأيت 200 شخص مكبلين بسلاسل. كنا ننفذ حكم الإعدام ونضعهم في السيارات ليُنقَلوا إلى مشفى حرستا، وهناك يُرقمون”.

بدوره قال السجّان رمضان علي عيسى إن أحد الضباط كان يحقن السجناء بمادة تتسبب بموتهم على الفور، وقال: “في الطابق السفلي كنا نسمع صوت الموقوفين عند أخذهم للإعدام”.

ووجهاً لوجه تحدث السجين أحمد خالد محيميد عن عمليات التعذيب والإهانة التي مارسها السجّان ماهر درويش، وقال: “في إبريل/ نيسان 2018 كان درويش ضمن المشرفين على عمليات التعذيب. نُقلنا إلى بناء التفتيش ببراد السجناء، وهناك ضربونا بشدة حتى التسبب بالموت. كان شقيقي عبد الله يعاني من مرض الربو، وحين احتاج إلى بخاخ كان السجّانون يردون: يجب أن تموت، ويهينونه. أخي استشهد داخل المعتقل، وسبب موته ماهر درويش”.

وتحدث عن واحدة من الممارسات التي نفذها درويش، قال: “كانوا يحضرون لنا الشاي يوم الخميس، فتبوّل درويش داخله، وقال إنه يجب أن نشرب الشاي أو نتعرض لـ400 جلدة. أجبرنا على شرب بوله”.

وتحدث معتقل آخر عن تعرضه لضرب وحشي من قبل السجّانين، وقال: “ضربوني بالهراوة وخرطوم أخضر وأنبوب معدني مزود بأشواك يتسبب بضرر في العظم، وكان بين السجّانين حيان داوود”.

يُذكر أنه في الثامن من ديسمبر 2024، وبعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، تم فتح عنابر وزنزانات سجن صيدنايا الشهير، ليخرج منها مئات المعتقلين، بينهم نساء وأطفال، بعد سنوات من المعاناة والاحتجاز القسري.

ومع ذلك، لا يزال مصير آلاف المعتقلين والمفقودين مجهولاً، حيث أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن هناك ما لا يقل عن 112,414 شخصًا لا يزالون مختفين قسريًا حتى اليوم.

وفي الوقت نفسه، عُثر بعد سقوط الأسد على عدد من المقابر الجماعية في عدة مناطق كانت تحت سيطرة النظام، احتوت على مئات الجثامين، ما يعكس الفظائع والانتهاكات التي ارتُكبت خلال فترة حكمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى