محليات

متحف افتراضي يوثّق ذاكرة السجون في سوريا

في اليوم الأول من إطلاق متحف سجون سوريا في المتحف الوطني بدمشق، عايش الزوار تجربة جولات ثلاثية الأبعاد داخل السجون السورية خلال فترتي حكم نظام الأسد، الأب والابن، وتعرفوا على جهود الفريق في توثيق مراكز الاحتجاز والانتهاكات.

المتحف الافتراضي يوثق ما تعرَّض له المعتقلون عبر صور وشهادات وتقنيات ثلاثية الأبعاد، في خطوة رمزية لحفظ الذاكرة الجماعية، ودعم مسار العدالة الانتقالية.

وقال مؤسس المشروع، عامر مطر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على هامش مراسم الإطلاق: «يسعى المتحف لحفظ الذاكرة السورية السوداء المرتبطة بالعنف والقتل والسجون، ومعظم السوريين مروا هم أو أحد أهاليهم بتجربة اعتقال».

ويعرض المشروع الذي أعدّته مجموعة من الصحافيين وصانعي الأفلام في «مؤسسة الشارع الإعلامية»، توثيقات ميدانية وشهادات ناجين وأهالي مفقودين، إلى جانب أرشيف رقمي يُعيد بناء مشاهد من داخل السجون.

وكان المشروع قد بدأ عام 2017 لتوثيق سجون تنظيم «داعش». ومنذ الإطاحة بحكم بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول)، سارع القائمون على المشروع بنقل تجربتهم هذه والاستفادة منها لتوثيق سجون النظام السوري، بالتعاون مع منظمات سورية ودولية متخصصة في شؤون المفقودين والعدالة الجنائية.

وأوضح مطر: «كنا نخشى أن يتم تدمير هذه السجون قبل توثيقها، وتمكنا حتى اليوم من دخول 70 سجناً». ويُقدم المتحف جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد داخل السجون الموثقة، وشهادات من سجناء سابقين عن تجاربهم التي مرّوا بها، ودراسات وأبحاثاً وتحقيقات استقصائية مرتبطة بملف السجون ومراكز الاحتجاز.

ويهدف المتحف، وفق المنظمين، إلى «تكريم الضحايا وإعلاء صوت الناجين وإعداد ملفات أدلة لمحاسبة الجناة وتحقيق العدالة».

وأضاف مطر: «المتحف يسعى إلى بناء أرشيف رقمي حي». وشهدت سوريا في عهدي الرئيسين حافظ وبشار الأسد انتشار شبكة واسعة من السجون والمعتقلات التي تحولت إلى رمز للقمع، أبرزها سجن صيدنايا شمال دمشق، الذي وصفته منظمات حقوقية بـ«المسلخ البشري» بسبب ما رُصِد فيه من ممارسات تعذيب وإعدامات.

وقد شكّلت هذه السجون لعقود أداة لترهيب المعارضين وإسكات أي صوت مخالف، في اختراقات واضحة لمنظومة حقوق الإنسان.

وفي مايو (أيار) الماضي، أُنشئت بموجب مرسومين رئاسيين «الهيئة الوطنية للمفقودين» و«الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية»، للتحقيق في مصير المختفين وتوثيق الانتهاكات، في خطوة وُصفت بأنها أولية، لكنها غير كافية لتلبية مطالب أهالي الضحايا والمنظمات الحقوقية.

ورغم تأسيس هذه الهيئات، يرى ناشطون مدنيون وحقوقيون أن الطريق نحو العدالة الانتقالية في سوريا ما زال طويلاً، في ظل تحديات تتعلق بتوسيع نطاق المساءلة، لتشمل كل أطراف النزاع، وضمان استقلالية التحقيقات، وتأمين الأدلة وحماية الشهود.

وتعدّ منظمات دولية أن المحاسبة الفعلية على الانتهاكات الواسعة النطاق تتطلب سنوات من العمل ودعماً دولياً واسعاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى