اقتصاد

كيف تتشكل دورة حياة المشروع الصناعي في سوريا؟

تُعد المدن والمناطق الصناعية في سوريا محركاً رئيسياً لإنشاء أو تطوير المشاريع الإنتاجية، فإذا رغب مستثمر أو صناعي محلي بإقامة مشروع جديد أو توسعة منشأته في إحدى هذه المدن..

لا بد له من تقديم الأوراق اللازمة ليرى مشروعه النور واتباع عدد من الإجراءات التي عمل فريق سانا على توضيح تفاصيلها في المادة التالية.

بدء حياة المشروع الصناعي

من لحظة التأسيس وحتى اكتمال كل الوثائق التي تمنح المشروع الحق للبدء بالعمل والإنتاج، تتشكل “دورة حياة المشروع الصناعي” التي أوضح المكتب الإعلامي لمدينة عدرا الصناعية بريف دمشق أنها تبدأ بطلب اكتتاب على مقسم يتقدم به المستثمر لدائرة الاستثمار في المدينة.

طلب المستثمر يُحال بعد ذلك للدراسة، وفي حال القبول يُبَلغ بتثبيت طلبه ودفع رسم الاكتتاب المحدد بـ “100” دولار، ثم يعاين المستثمر المقسم على أرض الواقع، ويقوم بدفع نسبة “5” بالمئة من قيمة المقسم، يلي ذلك إصدار قرار صناعي، وقرار تخصيص بالمقسم.

وخلال شهر بعد قرار التخصيص يجب على المستثمر استلام العقد، وفق المعلومات التي حصلت عليها سانا من المكتب الإعلامي للمدينة الصناعية، حيث يتوجب خلال “90” يوماً إصدار رخص البناء والمباشرة بأعمال البناء، وخلال سنة ونصف يجب وضع المنشأة بالإنتاج حسب نظام الاستثمار الجديد.

إجراءات توسعة منشأة بتمويل مصرفي

أما إذا كان الصناعي راغباً في توسعة مشروعه القائم، أو بإنشاء مشروع بتمويل مصرفي وفق التسهيلات التي تقدمها الحكومة للمستثمرين، فإنه يقوم بإجراءات أخرى، يوضحها المستثمر (أ. م) الذي شرح لفريق سانا آلية حصوله على قرض من المصرف الصناعي السوري بقيمة 400 مليون ليرة، بهدف إعادة تأهيل وتوسعة مشروعه (وهو منشأة تبريد خضار وفواكه) وشراء عدد من مستلزمات الإنتاج.

وقال: “تقدمت بطلب لمنحي قرضاً لشراء 22 ألف صندوق بلاستيكي خاص بتعبئة الخضراوات والفواكه، وقدمت جميع الوثائق المطلوبة التي شملت السجل التجاري، وشهادة ترخيص المنشأة، وسندات ملكية العقارات”، موضحاً أن عملية الدراسة والموافقة من المصرف استغرقت حوالي شهر ونصف.

وبفضل التمويل الذي حصل عليه من المصرف تمكن المستثمر من تخزين 450 طناً من الرمان باستخدام الصناديق الجديدة، مع توفير فرص عمل لنحو 40 عاملاً خلال فترة الموسم الحالي.

مشروع جديد بتمويل مصرفي

كمثال آخر على مشروع جديد بتمويل مصرفي، فيوجد مشروع لتصنيع الأسمدة احتضنته مدينة عدرا الصناعية، للمستثمر (غ. د)، الذي أوضح في تصريح لسانا، أن إجراءات حصوله على القرض من المصرف الحكومي تمت وفق خطوات مشابهة للإجراءات المعتمدة في بقية المصارف،

وشملت تقديم طلب رسمي واستكمال الإجراءات الروتينية، بإشراف الكوادر المختصة التي تقدم الإرشاد اللازم للمستفيدين حول تقييم العقارات أو تخمين الآلات والمعدات المطلوبة لضمان القرض.

وقال مستثمر مشروع الأسمدة، إن من جملة الشروط المطلوبة التي حققها، وأهلته للحصول على القرض، أن يكون العقار باسمه، وأن تكون التراخيص والأوراق النظامية مكتملة، مع إثبات أن المنشأة قيد التشغيل الفعلي من خلال فواتير البيع والشراء والميزانيات، مشيراً إلى أن وجود عقارات أو أعمال أخرى يُعدّ عاملاً داعماً لملف القرض لجهة الضمانات.

وبيّن صاحب مشروع الأسمدة أن نسبة من قيمة القرض الذي حصل عليه تُصرف نقداً، بينما يتم تحويل الجزء الأكبر عن طريق التحويلات المصرفية إلى حسابات الجهات التي تم التعاقد معها، لتسديد ثمن المواد الأولية، أو الآلات، بشكل مباشر.

وحول العوائق، يبيّن المستثمر أن المقترض يتحمل أعباءً مالية إضافية، في حال كانت مدة سداد القرض طويلة تصل إلى عشر سنوات، نتيجة ارتفاع نسب الفائدة السنوية التي قد تصل إلى نحو 17 إلى 18 بالمئة.

تفاصيل التمويل لدى المصارف الحكومية

بالنسبة لآليات التمويل من المصارف الحكومية والصعوبات التي تواجه أصحاب المشاريع المقترضين من المصارف، يبيّن المدير العام للمصرف الصناعي وجيه بيطار في تصريحه لسانا أن أولويات التمويل في المرحلة الراهنة تتركز على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة انسجاماً مع توجهات وزارة المالية، ومصرف سوريا المركزي.

ويوضح بيطار أن المصرف يولي اهتماماً خاصاً بإعادة تأهيل المنشآت الصناعية والحرفية المتضررة كلياً أو جزئياً، بهدف إعادة دمجها في العملية الإنتاجية، ولذلك يقدم تسهيلات شاملة بتمويل جميع مراحل تأسيس المنشأة، من البناء والإكساء وصولاً إلى إدخال الآلات وتمويل رأس المال العامل.

ويكون صرف القرض تدريجياً وفق نسب الإنجاز الفعلية للمشروع وبناءً على كشوف وموافقات دقيقة، بما يضمن مرافقة فريق المصرف للمستثمر خطوة بخطوة، حسب بيطار، مشيراً إلى منح “8” قروض هذا العام حتى نهاية أيلول الماضي وذلك بعد استئناف عملية منح القروض الصناعية،

حيث شملت 3 مشاريع صناعية و5 مشاريع لتركيب أنظمة الطاقة المتجددة، 3 منها صناعية واثنان حرفيان، وبالمجمل كانت جميعها من المشاريع الصغيرة باستثناء واحد من المشاريع المتوسطة، بالإضافة إلى وجود عدة طلبات قروض حالياً قيد الدراسة لدى الإدارة العامة وفروع المصرف.

أما شروط الحصول على القرض من المصرف الصناعي، فيذكر بيطار أنها تشمل تقديم الوثائق الرسمية والترخيص اللازم ودراسات الجدوى الاقتصادية أو البيانات المالية للمشروع، مع قبول ضمانات عقارية أو ضمان المنشأة نفسها، مشيراً إلى أن “المصرف أبرم اتفاقية مع مؤسسة ضمان مخاطر القروض لضمان جزء من القرض”.

وحول آلية احتساب فوائد القرض الصناعي، يوضح بيطار أن الفائدة تحتسب بنظام الفائدة المضافة المتناقصة وتتراوح بين 16% للقروض قصيرة الأجل (سنة واحدة)، و17% للمتوسطة (1-5 سنوات)، و18% للطويلة (5-10 سنوات)، و19% للقروض التنموية، مشيراً إلى أن قروض التأسيس والتوسع وإعادة التأهيل تُمنح مع فترة سماح تصل إلى سنة قبل بدء السداد.

وتعمل المصارف الحكومية على توفير قروض لتركيب منظومات الطاقة المتجددة في المنشآت الإنتاجية، لما لها من دور في تخفيض تكاليف التشغيل وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات في الأسواق الداخلية والخارجية.

يُذكر أن هناك عدداً من النماذج الناجحة التي تم تمويلها في مختلف المحافظات من قبل فروع المصرف الصناعي الحكومي، بما في ذلك مشاريع في المدن والمناطق الصناعية (حسياء وعدرا وحلب)، شملت معامل للأسمدة والأدوية والنسيج، وهي مشاريع داعمة القطاع الإنتاجي ولتعزيز التنمية الصناعية الشاملة في سوريا وفق بيطار.

ضمانات مخاطر القروض تصل إلى 60 %

للوقوف أكثر على تفاصيل حصول المستثمرين أو أصحاب المشاريع على قروض لعملهم وتأمين ضمانات تكفل حصولهم على التمويل، التقى فريق سانا المدير العام لمؤسسة ضمان مخاطر القروض الدكتور قيس عثمان، الذي تحدث عن آلية عمل المؤسسة تجاه أصحاب المشاريع الذين لا تكفي ضماناتهم للحصول على قروض، بدعمهم لاستكمال الضمانات المطلوبة ليصبح بإمكانهم الحصول على التمويل اللازم.

يمكن للمصرف الذي تقدم إليه مستثمر ما للحصول على قرض، أن يطلب من المؤسسة تقديم ضمان إضافي، وفق عثمان، مبيناً أن المصرف يرسل الملف الائتماني كاملاً للمؤسسة، وعند الموافقة يتم إصدار سقف ضمان للقرض.

أما عن نسبة الضمان والعمولة، يشير مدير المؤسسة إلى أن نسبة الضمان تصل إلى 60% من قيمة القرض، مقابل عمولة سنوية متناقصة تبلغ 1.5 % من قيمة الضمان المتبقي، أي أن العمولة تتناقص مع تناقص قيمة القرض المتبقي.

ويوضح عثمان، أنه في حال تعثر المقترض، تقوم المؤسسة بتسديد نسبة الضمان المتفق عليها من أصل القرض المتبقي، وتصبح المؤسسة شريكاً في القرض مع المصرف، ويكون توزيع أي مبلغ محصل وفق النسبة المحددة في الاتفاقية.

خلق بيئة استثمارية جاذبة

تعمل الحكومة السورية منذ التحرير على خلق بيئة استثمارية جاذبة من خلال سن العديد من القوانين التي تشجع المستثمرين المحليين والخارجيين للعمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة والتي ستسلط سانا الضوء عليها في مادة تفصيلية لاحقة، ومن أبرزها قانون استثمار المدن الصناعية الأخير وتعديلاته.

ومع استمرار الجهود لتطوير البنى التحتية للمستثمرين والصناعيين وتوسيع نطاق التمويل، تبرز أهمية تحسين شروط الإقراض وتخفيض نسب الفوائد لتخفيف الأعباء عن المستثمرين، وضمان جذب المزيد من رؤوس الأموال،

ولذلك فإن تكامل الأدوار بين المدن الصناعية والمصارف ومؤسسة الضمان يشكّل نموذجاً واعداً يمكن البناء عليه لتحقيق نهضة صناعية تدعم الإنتاج المحلي وتفتح آفاقاً جديدة للتصدير والتشغيل.

سانا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى