دليلك الشامل للعناية بالأسنان اللبنية

رغم أنها مؤقتة، تلعب الأسنان اللبنية، أو ما يُعرف بأسنان الحليب، دوراً أساسياً في نمو الطفل وصحته العامة. فإهمالها لا يؤدي فقط إلى مشكلات فموية مبكرة، بل قد يُعقّد من عملية بزوغ الأسنان الدائمة ويؤثر في شكل الفك ووظائفه.

ما هي الأسنان اللبنية؟

الأسنان اللبنية هي المجموعة الأولى من الأسنان التي تظهر في فم الطفل في السنة الأولى من حياته، وتحديداً بدءاً من عمر 6 أشهر، إذ تكتمل غالباً عند عمر السنتين والنصف إلى ثلاث سنوات. ويبلغ عددها 20 سناً موزعة بالتساوي على الفكين، وتشمل القواطع والأنياب والأضراس، وفقاً لما تؤكد طبيبة أسنان الأطفال زينة حمود.

هذه الأسنان ليست مؤقتة بالمعنى العابر، بل لها وظائف مهمة، أبرزها المساعدة في عملية المضغ والتغذية السليمة التي تسهم بدورها في النمو الجسدي العام. كذلك، تسهم الأسنان اللبنية في تطوير مهارات النطق، وتحافظ على المسافات التي ستشغلها الأسنان الدائمة لاحقاً، ما يجعلها ضرورية لتوجيه هذه الأسنان إلى أماكنها الصحيحة. فضلاً عن ذلك، فإنها تدعم النمو الطبيعي للفكين، وتؤثر مباشرة في التوازن البنيوي للوجه.

متى تسقط الأسنان اللبنية ومتى يصبح الأمر مقلقاً؟

تبدأ الأسنان اللبنية بالسقوط تدريجياً عادةً بين عمر 6 و7 سنوات، وتستمر هذه العملية حتى عمر 12 إلى 13 عاماً، إذ تكتمل مجموعة الأسنان الدائمة لدى معظم الأطفال. وتشير حمود إلى أنّ الأهل يمكنهم ملاحظة بداية هذه المرحلة عبر تخلخل الأسنان عند اللمس، أو إحساس الطفل بانزعاج خفيف أو ألم بسيط في اللثة، كما قد يظهر السن الدائم خلف السن اللبني قبل سقوطه، في حالة تُعرف بـ «أسنان القرش».

لكن تأخر سقوط الأسنان قد يكون مؤشراً على وجود مشكلة، خاصة إذا لم تبدأ هذه العملية بعد عمر السابعة، أو إذا بقيت بعض الأسنان اللبنية حتى ما بعد الثالثة عشرة. وفي هذا السياق، توضح زينة حمود أنّه من أبرز الأسباب المحتملة لذلك، وجود خلل في نمو الأسنان الدائمة، سواءً بسبب غيابها الخُلقي (Hypodontia)، أو تأخّر بزوغها لأسباب وراثية أو هرمونية، أو التحام جذور الأسنان اللبنية بالعظم المحيط بها، وهي حالة تُعرف بـ Ankylosis.

كما إنّ بعض العادات الخاطئة، كالتنفس الفموي أو دفع اللسان، قد تعيق عملية السقوط الطبيعي للأسنان.

أبرز المشكلات التي تصيب الأسنان اللبنية

تشدّد زينة حمود على أنّ إحدى أبرز المشكلات التي قد تصيب الأسنان اللبنية وأكثرها شيوعاً، هو التسوّس المبكر الذي يُعرف طبياً بـ «تسوّس الطفولة المبكر». ويظهر نتيجة تعرّض الأسنان المستمر للسكريات، خاصة عبر الرضاعة الليلية أو تناول العصائر والحليب الصناعي من دون تنظيف الأسنان بعدها.

عادة ما يبدأ هذا التسوس في الأسنان الأمامية العلوية على شكل بقع بيضاء تتحوّل لاحقاً إلى نخور بنية.

ومن المشكلات الأخرى التي قد تصيب الأسنان اللبنية التهاب اللثة الناتج من تراكم البلاك، ويظهر على شكل احمرار ونزيف، بالإضافة إلى رائحة الفم الكريهة. وقد يتسبّب التسوّس الشديد أحياناً في سقوط السن قبل أوانه، ما يؤدي إلى اضطرابات في ترتيب الأسنان الدائمة.

وتشمل المشكلات أيضاً حالات التحام السن بالعظم، والرضوض الناتجة من السقوط أو الضربات، والتي قد تؤدي إلى كسر الأسنان أو تحركها. وهناك أيضاً حالات العيوب الخلقية في تكوّن الميناء السني، ما يجعل الأسنان أكثر هشاشة وعرضة للتسوّس.

ولا يمكن تجاهل الأثر السلبي للعادات الفموية السيئة، مثل مص الإصبع أو الاستخدام المطوّل للمصاصة، والتي تؤثر في نمو الفك واصطفاف الأسنان.

ما الذي يسبّب تسوّس أسنان الحليب؟

بحسب حمود، فإنّ تسوّس أسنان الحليب لدى الأطفال يحدث نتيجة تفاعل عوامل عدّة، تبدأ بالتغذية غير السليمة، وتحديداً الرضاعة الليلية لفترات طويلة أو تقديم العصائر في الببرونة، ما يُبقي الأسنان معرضة للسكريات من دون تنظيف.

كما إن الإفراط في تناول الحلويات والبسكويت والعصائر المحلاة صناعياً يغذي البكتيريا الموجودة في الفم، والتي تنتج أحماضاً تهاجم طبقة الميناء وتضعفها.

وتكمن المشكلة الأكبر في إهمال نظافة الفم، إذ يؤدي ذلك إلى تراكم البلاك والبكتيريا. وقد تنتقل البكتيريا المسببة للتسوّس من الأهل إلى الطفل عبر أدوات الطعام أو التقبيل. كذلك، فإنّ نقص الفلورايد سواءً في مياه الشرب أو معجون الأسنان يضعف مقاومة الأسنان. هذا فضلاً عن عوامل أخرى كجفاف الفم أو ضعف إفراز اللعاب الذي يلعب دوراً أساسياً في تنظيف الفم وتحقيق التوازن الحمضي.

ما المشكلات الناتجة من تأخر سقوط الأسنان اللبنية؟

يُعد تأخّر سقوط الأسنان اللبنية مشكلة قد تؤثر في انتظام الأسنان الدائمة. وتوضح زينة حمود أن هذا التأخر قد يؤدي إلى تزاحم الأسنان، لأنّ السن الدائمة لا تجد مكاناً للبزوغ، فتنحرف عن مسارها أو تظهر خلف الأسنان اللبنية، ما يؤدي إلى صف مزدوج، خاصة في الفك السفلي.

كذلك، قد يؤدي الأمر إلى تأخر أو انطمار الأسنان الدائمة داخل العظم، وهي حالة تتطلب تدخلاً جراحياً لاحقاً. كما قد يؤثر ذلك في نمو الفك بطريقة غير طبيعية، ويؤدي إلى مشكلات في الإطباق تتطلب علاجاً تقويمياً مستقبلاً. وفي بعض الحالات، تتحرك الأسنان المجاورة إلى الفراغ الناتج من عدم سقوط السن، ما يُربك ترتيب الأسنان ويُعقّد عملية البزوغ الطبيعي.

كيف نعتني بصحة أسنان الحليب؟

تؤكد حمود أن العناية بصحة الفم تبدأ منذ الولادة، أي قبل بزوغ أي سن. وتوصي بمسح لثة الطفل بشاش مبلل بعد الرضاعة للحفاظ على نظافتها، وعدم ترك ببرونة الحليب في فمه أثناء النوم.

بعد ظهور السن الأولى، ينبغي استخدام فرشاة ناعمة مخصصة للأطفال مرتين يومياً، صباحاً وقبل النوم، مع استخدام كمية صغيرة جداً من معجون أسنان يحتوي على الفلورايد. أما الأطفال تحت سن الثالثة، فتكون الكمية بحجم حبّة أرز، وتزداد لتصبح بحجم حبّة بازلاء بين عمر 3 إلى 6 سنوات.

وتوصي حمود بزيارة طبيب الأسنان للمرّة الأولى عند عمر السنة أو في الأشهر الـ 6 أشهر من بزوغ السن الأولى، ثم تُكرر الزيارات كل 6 أشهر للكشف المبكر وتطبيق العلاجات الوقائية، مثل طلاء الفلورايد أو المواد السادة للشقوق.

كما تؤكد الطبيبة أهمية النظام الغذائي المتوازن، مشيرةً إلى ضرورة تقليل استهلاك السكريات وتشجيع شرب الماء بعد الوجبات.

الأخبار- ريم ناصر

Related Posts

فيتامين B 12… علامات نقصه وطرق علاجه
  • أغسطس 14, 2025

يُعد فيتامين «B 12» والمسمى أيضاً بـ«الكوبالامين» مهماً للجسم، حيث إنه يلعب دوراً أساسياً في تصنيع خلايا الدم الحمراء، كما أنه يؤدي دوراً مهماً في الوظائف العصبية، بالإضافة إلى دوره…

Continue reading
5 أطعمة لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة
  • أغسطس 13, 2025

تعرّف على 5 أطعمة غنية بفيتامين «د» تدعم قوة العظام وتعزز مناعتك بشكل طبيعي، وفقاً لموقع «هيلث سايت» الطبي. الأسماك الدهنية تُعد الأسماك الدهنية من أفضل المصادر الطبيعية لفيتامين «د»،…

Continue reading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

صحة

فيتامين B 12… علامات نقصه وطرق علاجه

  • أغسطس 14, 2025
فيتامين B 12… علامات نقصه وطرق علاجه

5 أطعمة لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة

  • أغسطس 13, 2025
5 أطعمة لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة

التين الشوكي… فاكهة منعشة وكنز صحي

  • أغسطس 13, 2025
التين الشوكي… فاكهة منعشة وكنز صحي

4 فوائد صحية في تناول قشر الموز!

  • أغسطس 12, 2025
4 فوائد صحية في تناول قشر الموز!

اللوز.. تأثيرات إيجابية على صحة الأمعاء والدم والطاقة

  • أغسطس 10, 2025
اللوز.. تأثيرات إيجابية على صحة الأمعاء والدم والطاقة

6 أطعمة غنية بالبروتين بديلة للحم

  • أغسطس 10, 2025
6 أطعمة غنية بالبروتين بديلة للحم

10 طرق لتعزيز طاقتك في عشر دقائق

  • أغسطس 9, 2025
10 طرق لتعزيز طاقتك في عشر دقائق

أبرز فوائد تناول الخوخ

  • أغسطس 8, 2025
أبرز فوائد تناول الخوخ

هل معظم الأطعمة فائقة المعالجة خطر على الصحة؟

  • أغسطس 8, 2025
هل معظم الأطعمة فائقة المعالجة خطر على الصحة؟

هل تحلية الشاي تفقده منافعه الصحية؟

  • أغسطس 7, 2025
هل تحلية الشاي تفقده منافعه الصحية؟