
ودع أقارب طفلين فلسطينيين، قتلا في غارات إسرائيلية شنّتها إسرائيل ليلاً على غزة، جثتيهما الملفوفتين بقماش أبيض ملطخ بالدماء، في مدينة خان يونس بجنوب القطاع، وسط حزن وخوف من تجدد الحرب.
وقتل أكثر من 100 فلسطيني في غارات ليلية على أنحاء مختلفة في القطاع، بحسب ما أعلن الدفاع المدني في القطاع، شنّها الجيش الإسرائيلي بعد اتهامه حركة حماس بانتهاك وقف إطلاق النار الساري منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو ما نفته الحركة.
وتجمّع المئات في مستشفى ناصر في خان يونس بجنوب القطاع لوداع عدد من أقاربهم. وانتحبت العديد من النسوة قرب جثث لفّت بالأبيض، بينما اصطف الرجال لأداء الصلاة، قبل أن يحملوا الضحايا لمواراتهم الثرى.
وفي أنحاء أخرى من خان يونس، أمضى عناصر الدفاع المدني الليل يبحثون بين الأنقاض مستخدمين مصابيح يدوية.
وبكت نسوة بينما كان رجال الإنقاذ ينقلون جثث أقاربهن القتلى على نقالات خشبية، أو على ظهورهم، قبل الانتقال للبحث في موقع آخر عن قتلى أو مصابين جراء القصف.
وفي مخيم النصيرات وسط القطاع، عمل أشخاص بدا عليهم التعب الأربعاء، على البحث عن حاجيات تحت أنقاض مبنى سوّته غارة بالأرض.
ومن هؤلاء منير ميمن الذي أنقذ من تحت الركام. ويقول الرجل الذي وضع ضمادة قرب عينه اليسرى: «تناولنا العشاء وجلسنا، وفجأة قامت القيامة».
وأضاف وهو يؤشر إلى الركام: «كل هذه الحجارة كانت فوقنا. أمضوا أكثر من ساعتين وهم يرفعون الردم عنّا»، بينما بدا خلفه رجال وأطفال يبحثون بين الأنقاض، ويحملون أمتعة لفّت ببطانيات.
وأعلن الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل مقتل 104 أشخاص على الأقل، بينهم 46 طفلاً، جراء الغارات. وتوافقت هذه الحصيلة مع ما أوردته مصادر في مستشفيات القطاع المحاصر.
وأصيب أكثر من 250 فلسطينياً بينهم عشرات في حالات «خطرة أو حرجة»، بحسب مصادر المستشفيات.
– أكثر ما كنا نخشاه
أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء، إعادة العمل بوقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه، بعد عامين من الحرب التي شنها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
لكن سكاناً في القطاع المدمّر جراء الحرب لم يخفوا خشيتهم من عودة القتال، ومنهم جلال عباس (40 عاماً)، وهو نازح يقيم مع عائلته في خيمة قبالة مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط القطاع.
وقال: عودة الحرب هذا أكثر ما كنا نخشاه»، مضيفاً: «إسرائيل تخلق الذرائع، كل يوم يهددون بعودة الحرب، ويتذرعون بالجثث، كله كذب».
ويعتبر عباس أن إسرائيل تريد أن «تدمّر ما تبقى من غزة، وتهجير الناس».
واتهمت إسرائيل «حماس» بانتهاك شروط اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، عبر عدم إعادة جثث الرهائن بالسرعة الكافية.
وشدد وزير الدفاع يسرائيل كاتس الأربعاء، على أنه «سيتمّ قطع كل يدّ تُمدّ على جندي إسرائيلي»، مشيراً إلى أن الجيش تلقى تعليمات «بالتصرف بحزم ضد كل هدف لحماس وسيستمر في ذلك». وكانت إسرائيل أعلنت مقتل جندي الثلاثاء في قطاع غزة.
– «بناء حياتنا»
وأعاد القصف والغارات الليلية إلى أذهان سكان القطاع يوميات الحرب التي بالكاد مضت أيام على توقفها.
وفي مخيم الشاطئ في مدينة غزة، حيث استمرت الغارات طوال الليل، تقول خديجة الحسني (31 عاماً): «القصف لم يتوقف، انفجارات طوال الليل، كنا بدأنا نتنفس الصعداء، ونحاول أن نستعيد حياتنا فجاء القصف ليعيد الحرب والانفجارات والقتل».
وأضافت: بحسرة «هذا حرام وجريمة».
وتتابع الحسني التي تقيم في خيمة، بعدما نزحت أكثر من مرة منذ اندلاع الحرب، حالها كحال معظم سكان غزة، «إما أن تكون هدنة أو حرب!».
وتروي كيف أمضى أطفالها الأربعة ليلتهم، موضحة: «لم يناموا كانوا يعتقدون أن الحرب تعود»، سائلة: «هل محكوم علينا العيش في معاناة أبدية»؟.
أ ف ب












