محليات

العقار السوري.. أزمة عرض خانقة وأسعار تتجاوز المنطق!

قال خبير التقييم العقاري الدكتور أنور وردة: إن ارتفاع أسعار بعض العقارات في سوريا إلى مستويات تنافس مدناً عالمية كطوكيو، مثلما جاء في حديث الرئيس أحمد الشرع خلال مشاركته في مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية،

وذلك ليس بالأمر الغريب في حد ذاته، فالمراكز الحضريّة في معظم دول العالم تشهد أسعاراً مرتفعة، لكن الكارثة، كما أوضح، تكمن في الفجوة الكبيرة بين الأسعار ودخل المواطن السوري المنخفض جداً، ما يجعل امتلاك منزل حلماً بعيد المنال لشريحة واسعة من السوريين.

وأوضح وردة أن ارتفاع الأسعار لا يرتبط فقط بزيادة الطلب وقلة العرض، بل هناك عوامل هيكليّة تفاقم الأزمة وتمنع التوازن في السوق.

ومن أبرز هذه العوامل غياب دور المصارف في تمويل وتسهيل التداول العقاري، وهو ما حرم السوق من السيولة الضرورية لتنشيط حركة البيع والشراء.

وأشار كذلك إلى تقاعس الجهات البلدية عن إطلاق مخططات تنظيمية جديدة تستوعب الطلب المتزايد وتتفوق عليه بعرض كافٍ من الأراضي والمساكن،

إضافة إلى ضعف الخدمات في الأرياف إلى درجة تشبه “التهميش المخزي”، على حدّ وصفه، مما يجعل السكان يتركزون في المدن الكبرى بحثاً عن بنية تحتية وخدمات أفضل.

وبيّن وردة أن غياب المراكز الرديفة التي يمكن أن تستوعب جزءاً من الكثافة السكانية أسهم في تركّز الثقل السكاني والاقتصادي في المدن الرئيسة، وخاصة دمشق،

ما أدى إلى خلل هيكلي في التوازن الديموغرافي. وحتى في حال إنشاء مراكز جديدة، تبقى الأسعار مرتفعة بسبب حرمان هذه المناطق من المتطلبات المدنية والحضرية التي تجعلها جاذبة للسكن والاستثمار.

وأضاف: إن سوريا، رغم صغر مساحتها نسبيّاً، تُعد نشيطة اقتصاديّاً وسياحيّاً وصناعيّاً وتجاريّاً ودينيّاً، مما يرفع الطلب على السكن ويزيد الضغط على السوق.

ومع ذلك، لم تتخذ الجهات المعنية في السابق الخطوات الكفيلة باحتواء هذه الأزمة أو تنظيمها عبر سياسات عمرانية وتمويلية فعّالة.

وختم وردة بالقول: إن الدولة الجديدة أمام اختبار حقيقي، فإما أن تنجح في وضع خطة عمل واضحة وخريطة طريق مُبتكرة توازن بين التنمية والاستثمار،

أو أن تشهد السوق انفجاراً سعريّاً جديداً مع تدفّق الاستثمارات المُتوقّعة، ما قد يجعل أسعار دمشق تفوق أسعار طوكيو نفسها.

الوطن- محمد راكان مصطفى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى