
خاضت قوات الأمن السورية، الأربعاء، اشتباكات ضد متطرفين فرنسيين، بعد تطويقها مخيمهم شمال غربي سوريا، واتهامها قائدهم برفض تسليم نفسه على خلفية خطف فتاة، في أول مواجهة تعلنها السلطة الانتقالية ضد مقاتلين أجانب منذ وصولها إلى دمشق، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وتتخذ «فرقة الغرباء»، التي يقودها المتطرف الفرنسي – السنغالي عمر ديابي، المعروف بـ«عمر أومسن»، من مخيم على أطراف مدينة حارم شمال غربي سوريا مقراً لها. ويقيم في المخيم عشرات المقاتلين الفرنسيين الذين يُشتبه في مساهمة ديابي بتجنيدهم خلال سنوات النزاع السوري، مع أفراد عائلاتهم.
تطويق المخيّم
واندلعت ليل الثلاثاء – الأربعاء اشتباكات بين الطرفين، أعقبت بدء «عملية موسعة» باشرتها قوات الأمن استهدفت المخيم «بعد تطويقه بهدف تسليم عناصر فرنسيين مطلوبين من حكومتهم».
وتراجعت وتيرة الاشتباكات بعد ظهر الأربعاء، وفق مراسل من «وكالة الصحافة الفرنسية» عند أطراف المخيم.
وكانت قوى الأمن الداخلي اتهمت في بيان ديابي (50 عاماً) بقيادة «مجموعة مسلحة خارجة عن القانون» أقدمت على «خطف فتاة من والدتها».
وأفاد قائد الأمن الداخلي بمحافظة إدلب، العميد غسان باكير، في بيان، بحدوث مساعٍ للتفاوض مع ديابي من أجل «تسليم نفسه طوعاً إلى الجهات المختصة، إلا إنه رفض، وتحصّن داخل المخيم، ومنع المدنيين من الخروج، وشرع في إطلاق النار واستفزاز عناصر الأمن وترويع الأهالي».
وطوّقت قوات الأمن إثر ذلك المخيم، إضافة إلى تثبيت نقاط مراقبة على أطرافه. وأكد باكير أن قوات الأمن «ستواصل بحزم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والأمنية اللازمة لضمان إنفاذ القانون».
وقال جبريل، وهو ابن ديابي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عبر تطبيق «واتساب»، إن «الاشتباكات بدأت بعد منتصف الليل» وكانت «لا تزال مستمرة» حتى ظهر الأربعاء، مشيراً إلى «قصف قوات الأمن المخيم الذي يضم نساء وأطفالاً».
وأضاف لاعب كرة القدم ذائع الصيت في إدلب أن الاشتباكات مرتبطة «برغبة فرنسا تسلم فرنسيين اثنين من المجموعة».
وفي وقت لاحق، تراجعت حدة الاشتباكات.
وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بهدوء في محيط المخيم، حيث تجمع مقاتلون فرنسيون وآخرون أجانب، غالبيتهم ملثمون. وقال إن الطرق المؤدية إلى المخيم شهدت حركة سير خفيفة جداً.
المواجهة الأولى
ونفّذت قوات الأمن السورية منذ الثلاثاء انتشاراً كثيفاً في منطقة حارم، وفق ما أفاد به شاهد عيان «وكالة الصحافة الفرنسية»، من دون ذكر اسمه حفاظاً على سلامته. وقال إنه شاهد آليات مزودة بأسلحة رشاشة تصل تباعاً إلى البلدة.
وأوضح أنه لازم منزله مع أطفاله، الأربعاء، بعد ليلة تخللها «قصف متقطع… ودوي انفجارات بين الحين والآخر».
وتُعدّ هذه أول مواجهة تعلن السلطات الجديدة خوضها ضد متطرفين أجانب، منذ إطاحتها حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وسعيها إلى تبني صورة أكبر اعتدالاً أمام المجتمع الدولي.
ويشكّل ملف المقاتلين الأجانب، الذين تدفقوا إلى سوريا خلال سنوات النزاع، مسألة شائكة مع رفض معظم دولهم عودتهم إليها، وعدم قدرة الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، التخلي عنهم بعد قتالهم لسنوات في جبهة واحدة ضد الأسد.
على غرار الآلاف من المقاتلين الأجانب، استقر المتطرفون الفرنسيون بقيادة ديابي في محافظة إدلب، التي شكلت لسنوات معقل «هيئة تحرير الشام» التي تزعمها الشرع وقادت الهجوم الذي أطاح الحكم السابق. وقاتلت الفصائل، التي كان بعضها يضم أجانب، جنباً إلى جنب ضد سلطة الأسد.
وسبق لـ«الهيئة» أن اعتقلت ديابي المصنّف من واشنطن «إرهابياً دولياً» والمطلوب من بلاده، لنحو عام ونصف العام، قبل أن تفرج عنه مطلع فبراير (شباط) 2022.
ولا تحظى المجموعة التي يقودها بنفوذ كبير كالذي يحظى به المقاتلون التركستان والأوزبك. وقدّرت مصادر أمنية فرنسية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، نهاية 2024 عدد أفرادها بنحو 50 عنصراً يقيمون مع العشرات من أفراد عائلاتهم في مخيم حارم.
وكان ديابي، المدان بجنح، يعمل بمطعم في نيس جنوب شرقي فرنسا، قبل أن ينتقل إلى سوريا عام 2013، حيث قاد الفصيل الذي يضم شباناً فرنسيين غالبيتهم من منطقة نيس.
وبُعيد وصوله إلى السلطة، أعلن الشرع حل جميع الفصائل المسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام»، قبل أن تنضم تباعاً إلى صفوف وزارة الدفاع السورية.
الشرق الأوسط














