الخبز في حلب.. نضوج غائب وتخمير غير مناسب ورقابة لا تُعاقب

تدني جودة الخبز الذي يُنتج في العديد من أفران محافظة حلب أصبح يشكل عبئاً على الأهالي، وخاصة أن الخبز يعتبر عنصراً أساسياً في غذائهم اليومي، وبالرغم من توفر الخبز بشكل جيد وفقاً للجهود الحكومية، إلا أن الإنتاج لا يزال دون المستوى المطلوب ويثير العديد من الشكاوى من قبل المواطنين.

العديد من أبناء حلب أكدوا أن الخبز المنتج في الأفران غالباً ما يكون غير ناضج أو غير مختمر بالشكل المناسب، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً في ظل الظروف الحالية، وخاصة في فصل الصيف، إذ لا يصمد الخبز طويلاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود التبريد الكافي نتيجة الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي.

لنتابع واقع صناعة الرغيف في حلب..

جودة متدنية

أبو إبراهيم، أحد سكان حي المعادي في حلب القديمة، وصف الخبز المنتج في حيّه بالقول: “الخبز الذي يُنتج في الحي غالباً ما يكون غير ناضج، ولم يُصنع بالطريقة المثالية، فالخبز الذي يُعد من المواد الغذائية الأساسية لا يحظى بالاهتمام الكافي”.

الكثيرون من أبناء حيّه يشاطرون أبا إبراهيم رأيه، ويشكون من تدني جودة الإنتاج بشكل عام.. أبو إسماعيل، يشير إلى مشكلة أخرى تؤثر في نوعية الخبز، وهي الطريقة غير الجيدة في تشغيل “بيت النار” الذي يعمل على تحضير الخبز، إذ يعتقد أن الأفران لا تستخدم كميات كافية من الوقود (المازوت) ولا تديره بالطريقة الصحيحة،

ويوضح أن “الخبز عادة ما يكون غير ناضج بالشكل المطلوب بسبب هذه المشكلة، ما يؤثر بشكل مباشر على جودته”، هذا يضيف بعداً آخر لمشكلات صناعة الخبز، ويشدد على ضرورة تحسين عمليات التشغيل واستخدام الوقود بالشكل الأمثل.

وفي حي الصاخور، كما أغلب الأحياء تتكرر المشكلة، فهذا أبو وائل، أحد سكان الحي، يوضح أن غالبية الأفران لا تنتج خبزاً جيداً، سواء من ناحية كمية الخميرة أم طريقة التخمير، ويشرح الأمر، من وجهة نظره: في بعض الأحيان، نجد أن الخبز إما “معجّن” أو يتفتت بسرعة كبيرة، ولا يدوم حتى اليوم التالي، ما يجبرنا على العودة يومياً إلى الفرن للحصول على الخبز”.

وبسبب سوء صناعة الرغيف يتحمل المواطنون عبء الذهاب يومياً إلى الأفران لأن الخبز يتلف بعد يوم من تخزينه في الفريزا، وهذا يخلق مشكلة إضافية للمواطنين، وخاصة مع الازدحام الذي تشهده بعض من الأفران صباحاً قبل توجه المواطنين لأعمالهم، فالجميع يريد أن يحصل على الخبز صباحاً.

رقابة غائبة

من جانب آخر، يُشكو المواطنون من مشكلة بيع الخبز وفق العدد وليس بالوزن، كما هو مفترض.

أبو عمر من سكان حي صلاح الدين، يرى أن هذا الأمر يؤدي إلى تقليل حجم الرغيف مقارنةً بما يجب أن يكون عليه، ويؤكد على أن هذا الأمر يشكل خللاً آخر يؤثر في حياة المواطنين المادية، لأن الخبز مادة أساسية في غذائهم.

الأمر الذي يثير الاستغراب لدى المواطنين هو غياب الرقابة على الأفران، وهو ما يثير قلقهم أيضاً، كما بيّن أبو جهاد، الذي تساءل عن سبب غياب الرقابة بشكل شبه كامل على عمل الأفران، مطالباً كغيره من المواطنين بضرورة قيام مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمراقبة الأفران بشكل دوري وتنظيم ضبوط بحق المخالفين،

إذ قال: لا بد من إجراء رقابة مشددة على الأفران لضمان إنتاج خبز جيد للمواطنين، فالخبز هو المادة الغذائية الأساسية، ولا يمكن التهاون في ذلك”.

حماية المستهلك لا ترد

صحيفة الثورة تواصلت مع مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حلب لمعرفة الإجراءات المتخذة بخصوص ضبط الأفران، لكن للأسف لم يقدموا أي إجابة، وكانت الأسئلة التي تم طرحها تتعلق بكيفية مراقبة الأفران وفرض العقوبات على المخالفين، وعدد الضبوط المسجلة منذ بداية العام وحتى الآن، إضافة إلى التعامل مع شكاوى المواطنين.

لم يكن هناك أي رد رسمي من المديرية على هذه الأسئلة، باستثناء المعلومات العامة التي تم الكشف عنها حول عدد الأفران في حلب، والتي تشمل 16 فرناً احتياطياً و136 فرناً خاصاً.

لابد من الرقابة

من خلال الحديث مع الأهالي يتبين للجميع أن هذه المعاناة أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية، فكل زيارة للفرن تثير الكثير من القلق نتيجة لنوعية الخبز السيئة وغياب الرقابة الفعالة، وقد أصبح الحصول على الخبز الصالح للاستهلاك تحدياً كبيراً، للأسر التي يعتمد أكثرها عليه كعنصر غذائي أساسي.

أمام هذا المشهد تبقى صناعة الخبز في حلب تواجه العديد من التحديات التي تتطلب حلولاً فورية، وأحاديث المواطنين تؤكد أن تحسين نوعية الخبز يجب أن تبدأ بتحسين عمليات إنتاجه عبر التقنيات المناسبة واستخدام كميات كافية من الوقود،

كما أن وجود رقابة مشددة من قبل الجهات المعنية، ممثلة بمديرية التجارة الداخلية، يُعد أمراً ضرورياً لتوجيه الأفران نحو تقديم منتج صالح وآمن للمواطنين، فمن دون الرقابة المستمرة والمعالجة الجادة لهذه المشكلات، ستستمر معاناة أهالي حلب في الحصول على خبز صالح للغذاء، ما ينعكس سلباً على حياتهم اليومية ويشكل عبئاً إضافياً على كاهلهم.

الثورة – حسن العجيلي

Related Posts

الألواح الثلجية.. ملاذ السوريين لحفظ الأدوية والطعام!
  • أغسطس 13, 2025

مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة هذا الصيف، وتكرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في أغلب المناطق السورية، تحولت الألواح الثلجية من سلعة عادية إلى حاجة يومية ملحّة، يلجأ إليها السوريون…

Continue reading
حرائق حماة واللاذقية تتمدد وتتسبب بنزوح عدد من الأهالي
  • أغسطس 13, 2025

توسعت الحرائق المندلعة في منطقة فقرو وعناب ونبع الطيب بريف حماة الغربي، جراء درجات الحرارة المرتفعة، ما أدى إلى نزوح عدد من الأهالي بعد اقتراب ألسنة اللهب من بعض المنازل. وأوضح…

Continue reading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

صحة

5 أطعمة لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة

  • أغسطس 13, 2025
5 أطعمة لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة

التين الشوكي… فاكهة منعشة وكنز صحي

  • أغسطس 13, 2025
التين الشوكي… فاكهة منعشة وكنز صحي

4 فوائد صحية في تناول قشر الموز!

  • أغسطس 12, 2025
4 فوائد صحية في تناول قشر الموز!

اللوز.. تأثيرات إيجابية على صحة الأمعاء والدم والطاقة

  • أغسطس 10, 2025
اللوز.. تأثيرات إيجابية على صحة الأمعاء والدم والطاقة

6 أطعمة غنية بالبروتين بديلة للحم

  • أغسطس 10, 2025
6 أطعمة غنية بالبروتين بديلة للحم

10 طرق لتعزيز طاقتك في عشر دقائق

  • أغسطس 9, 2025
10 طرق لتعزيز طاقتك في عشر دقائق

أبرز فوائد تناول الخوخ

  • أغسطس 8, 2025
أبرز فوائد تناول الخوخ

هل معظم الأطعمة فائقة المعالجة خطر على الصحة؟

  • أغسطس 8, 2025
هل معظم الأطعمة فائقة المعالجة خطر على الصحة؟

هل تحلية الشاي تفقده منافعه الصحية؟

  • أغسطس 7, 2025
هل تحلية الشاي تفقده منافعه الصحية؟

6 أطعمة تساعد في الوقاية من الزهايمر والخرف

  • أغسطس 6, 2025
6 أطعمة تساعد في الوقاية من الزهايمر والخرف