
في خطوة تُعدّ تحوّلاً إستراتيجياً في مسار الشركة، أعلنت «أوبن إيه آي» عن طرح نموذجين جديدين للذكاء الاصطناعي مفتوحي المصدر ومجانيين، في أول تحرّك من نوعه من الشركة التي طوّرت نظام «شات جي بي تي». ويأتي هذا الإعلان بعد أشهر من تصدّر النموذج الصيني «ديب سيك R1» العناوين العالمية بفضل قدراته المفتوحة.
نماذج خفيفة وقابلة للتخصيص
النموذجان الجديدان يحملان اسم GPT-oss-120b وGPT-oss-20b، وقد طُرحا عبر منصة Hugging Face الشهيرة لاستضافة نماذج الذكاء الصناعي. وبحسب «أوبن إيه آي»، يمكن للنموذجين إنتاج النصوص وتنفيذ مهمات معقّدة مثل كتابة الشيفرات البرمجية، والبحث عن المعلومات عبر الإنترنت نيابةً عن المستخدم.
تتمتع هذه النماذج بميزة مهمّة: الانفتاح على التخصيص، إذ ستكشف «أوبن إيه آي» عن القيم الرقمية التي جرى تعديلها أثناء التدريب، ما يتيح للمطورين إعادة توجيه النماذج بحسب احتياجاتهم. إلا أن الشركة لم تُفصح عمّا إذا كانت ستشارك بيانات التدريب، وهو ما قد يمنع تصنيف هذه النماذج كنماذج مفتوحة المصدر بالكامل.
استخدامات واعدة وتبنٍ مؤسسي مبكر
أوضحت «أوبن إيه آي» أن هذه النماذج تستهدف الأفراد، والمؤسسات، والحكومات الراغبة في تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي محلياً على أجهزتها، بدلاً من الاعتماد على خدمات سحابية خارجية. ولفتت إلى أن شركات مثل Orange SA وSnowflake Inc كانت من أوائل من اختبروا النماذج الجديدة.
الجدير بالذكر أن النموذج الأقوى، GPT-oss-120b، يعمل على وحدة معالجة رسومات بسعة 80 غيغابايت فقط، فيما يمكن تشغيل نموذج 20b على جهاز حاسوب محمول عادي بذاكرة 16 غيغابايت، ما يجعلهما عمليين وسهلَي الاستخدام نسبياً.
دوافع سياسية وتقنية
يأتي هذا التحوّل في إستراتيجية «أوبن إيه آي» في سياق أوسع يدعمه التوجّه الأميركي الرسمي نحو تعزيز الذكاء الاصطناعي المفتوح. فقد شجّعت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للذكاء الاصطناعي على تطوير نماذج مفتوحة المصدر، معتبرة أنها قد تشكّل «معايير عالمية» في الأبحاث والأعمال.
وكان المدير التنفيذي لـ«أوبن إيه آي»، سام ألتمان، قد أقرّ في وقت سابق بالحاجة إلى تبنّي نهج مختلف حيال المصدر المفتوح، وسط تزايد الضغوط الدولية وتقدّم المنافسين مثل «ديب سيك».
مستقبل النماذج المفتوحة: فرصة أم تحدٍ؟
تمثّل هذه الخطوة فرصة لتوسيع دائرة استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاعات متعددة، ولكنها تطرح أيضاً تساؤلات حول التحكّم الأخلاقي والأمني في هذه النماذج، خاصة في ظلّ عدم وضوح طبيعة البيانات التي تمّ تدريبها عليها.
وفي ظلّ هذا التحوّل، تفتح «أوبن إيه آي» الباب أمام حقبة جديدة من التطوير التشاركي في الذكاء الاصطناعي، تُعيد رسم العلاقة بين الشركات الكبرى والمطوّرين المستقلين في هذا القطاع المتسارع.