مصطفى العقاد.. مخرج حمل رسالة الإسلام إلى هوليود

مخرج أفلام سوري أميركي ولد عام 1930 وقتل عام 2005، تتلمذ على يد المخرج البريطاني ألفريد هيتشكوك المُصنف ضمن أعظم المخرجين السينمائيين في القرن الـ20،
عارض والده دراسته للإخراج في بداية الأمر، لكن مصطفى حمل هم سرد رواية سينمائية عن العرب والمسلمين بعيدة عن التطرف ومغايرة للصور النمطية التي تلصقها بهم السينما عادة.
أنتج العقاد 12 فيلما بين عامي 1976 و2002، أبرزها سلسلة أفلام الرعب “هالوين”، وسلسلة “كيف يرانا العالم؟”، التي تقدم “الصورة الحقيقية عن الإسلام” كما يقول، وأخرج فيلمين هما “الرسالة” بنسختيه العربية والإنجليزية و”عمر المختار”، الذي أنتج بالإنجليزية ودُبلج إلى اللغة العربية.
المولد والنشأة
ولد مصطفى العقاد في مدينة حلب السورية، في الأول من يوليو/تموز 1930 في أسرة متوسطة الحال، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه.
بدأ عشقه للسينما بعد أن كان جاره في حلب -الذي كان يعمل مشغلا لآلة العرض السينمائي في إحدى دور السينما- يريه كيفية عرض الأفلام وقص المشاهد الممنوعة.
حلم العقاد بدراسة الإخراج السينمائي عندما بلغ 18 عاما، وحينئذ قرر أن يصبح مخرجا سينمائيا مشهورا يقدم أفلامه للعالم من هوليود.
تزوج العقاد في حياته مرتين، الأولى من الأميركية باتريشيا، لكنه انفصل عنها وتزوج السورية سهى العشي، ورزق منهما بأربعة أبناء هم ريما وطارق ومالك وزيد.
الدراسة والتكوين العلمي
أنهى العقاد تعليمه الثانوي في حلب، ثم درس اللغات الأجنبية وعمل موظفا حكوميا، قبل أن يغادر إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الإخراج والإنتاج السينمائي في جامعة كالفورنيا في لوس أنجلوس عام 1954.
برز طالبا نجيبا ولفت إليه الأنظار أثناء دراسته، خصوصا حين أعد فيلمه “قصر الحمراء” ونال عنه جائزة الجامعة.
أكمل دراساته العليا وحصل على درجة الماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا، وبعد تخرجه عام 1958 عمل مساعدا للمخرج هيتشكوك وتدرب على يديه، ثم استقل عنه وبدأ بإعداد سلسلة أفلام حملت بصمته.
التجربة الفنية والإخراجية
عقب تخرجه بدأ العقاد مرحلة المعاناة في سوق العمل، إذ رفضت 7 أستوديوهات ضخمة وجميع محطات التلفزيون ووكالات الإعلان توظيفه.
انطلقت مسيرته المهنية مع محطة “إن بي سي” الأميركية، حيث تولى إعداد وإنتاج برامج تلفزيونية تناولت السيرة الذاتية لمختلف الجماعات العرقية في الولايات المتحدة، وأبرزت أثر الخلفيات الثقافية لتلك المجموعات على تفاصيل حياة أفرادها.
وأسس فيما بعد شركة “العقاد للإنتاج الدولي” المتخصصة في الأفلام الوثائقية، ثم تمكن من افتتاح مكاتب لشركته في بيروت ولندن وهوليود.
وفي عام 1962 اقتحم العقاد أبواب هوليود وعمل فيها مخرجا ومنتجا منفذا 45 عاما.
فيلم الرسالة
بلغ العقاد العالمية عام 1976 عندما أخرج فيلم “الرسالة”، وهو أول فيلم عربي عالمي عن رسالة الإسلام، وأدى بطولة نسخته العربية كل من الممثل المصري عبد الله غيث والممثلة السورية منى واصف، أما نسخته الإنجليزية فأدى بطولتها الممثل الأميركي أنطوني كوين والممثلة اليونانية إيرين باباس.
ويقول عن دوافعه لإخراج هذا الفيلم -الذي استشار فيه نخبة من علماء الشريعة الإسلامية وأجازوا مضامينه ومشاهده- “لقد أخرجت فيلم الرسالة لأنه كان موضوعا شخصيا بالنسبة لي، شعرت بواجبي بصفتي مسلما عاش في الغرب بأن عليّ أن أسرد الحقيقة عن الإسلام”.
وعام 1978، جاءه المخرج جون كاربنتر بسيناريو فيلم “الهالوين” وأنتجه العقاد بينما تولى كاربنتر الإخراج، وحققا به نجاحا ضخما.
فيلم أسد الصحراء (عمر المختار)
عام 1981 أخرج فيلم أسد الصحراء (عمر المختار) بالإنجليزية، الذي أعاد فيه التعاون مع أنطوني كوين، وكان بتمويل من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وتناول فيه بطولة الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي تحت قيادة المناضل عمر المختار، وتمت دبلجته إلى اللغة العربية.
وصور العقاد مشاهد فيلم عمر المختار في ليبيا والمغرب، ولعب بطولته كل من كوين وباباس، والممثل البريطاني أوليفر ريد.
وعندما سئل لماذا أتى ببطل غربي لتجسيد شخصية عمر المختار، قال “لكي يقتنع الغربيون بقضيتنا وبالظلم الذي لحق بنا، لا بد من تقديمها عبر وجوه يعرفونها ويحبونها، فلا أحد في الغرب سيشاهد فيلما عن العرب يؤديه العرب، ولكن بهذه الطريقة نلفت نظرهم ونحثهم على مشاهدة ما نقدمه، ومن ثم يتفهمون حقيقتنا ويعرفون قضايانا”.
بعد ذلك عاد العقاد إلى إنتاج أجزاء أخرى من سلسلة فيلم “الهالوين”، التي استمر في إنتاجها وإخراجها منذ عام 1978 حتى عام 2002.
وفي عام 1995 خطط لإنتاج فيلم عن سيرة القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، الذي واجه الحملات الصليبية، لكنه لم ينجح في الحصول على التمويل الكافي.
رأيه في الأفلام العربية التي قدمت للغرب
يرى العقاد أن الأفلام العربية التي قدمت للمشاهد الغربي -رغم جودة بعضها- تبقى محلية، وأن فيلما مثل “الناصر صلاح الدين” للمخرج المصري يوسف شاهين، “يجعلك تتعاطف مع ريتشارد قلب الأسد أكثر من صلاح الدين”.
ويقول العقاد أنه لم يجد الأندلس في فيلم “المصير” للمخرج نفسه، بل وجد فيه أن المسلمين يحرقون الكتب، رغم أن هذه الواقعة غير مؤكدة تاريخيا.
الجوائز
نال العقاد عددا من الجوائز والتكريمات من المهرجانات العربية والدولية، وأوسمة عدة من زعماء عرب وأجانب، وكرمه الرئيس الأميركي بيل كلينتون.
وبعد وفاته منحته الحكومة السورية وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى تكريما لمواقفه القومية والوطنية.
الوفاة
في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 بينما كان العقاد يُعد لفيلمين عن الأندلس وصلاح الدين الأيوبي ويبحث عن تمويل لهما، قتل مع ابنته ريما بانفجار في فندق حياة عمان في العاصمة الأردنية، وماتت ابنته في الحال بينما توفي هو متأثرا بجراحه بعد يومين من الحادثة.
وشُيّع جثمانه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه حلب، وسط موكب رسمي وشعبي مهيب.
المصدر: الجزيرة