ضيافة العيد خجولة.. وحلويات البسطات أكثر رأفة!

مع حلول عيد الأضحى المبارك، بدأت بعض الأسر بالتحضير لحلويات العيد وعلى مضد، نتيجة العوز المادي، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، فيما باتت الأسواق تعجُ بالمارة، قبيل العيد، منهم من يكتفي بتفقد الأسعار- وإن اشترى، يشتري نوعاً واحداً،

ومنهم من يشتري بكميات محدودة (بالحبة أو القطعة)، نتيجة الجيوب شبه الخاوية، والأسعار الكاوية، وآخرون يأتون على أنفسهم إرضاءً للاحتفال بالعيد واستقبال المعايدين.

التحضيرات غائبة

عدد من المواطنين لجؤوا إلى البسطات التي باتت ملاذهم جراء الانخفاض الطفيف في الأسعار مقارنة مع المحلات النظامية، والإقبال عليها رغم عدم التزام الباعة بالشروط الصحية، وخلال جولة لـ “الثورة” في بعض أسواق دمشق، وعدة أسواق في ريف دمشق، كان هناك مشاهد متباينة، سواء في أسواق الغذائيات، أو الحلويات، أو الألبسة وغيرها.

وأكدت مجموعة من النسوة في سوق البزورية بدمشق، أن مستويات التحضيرات تتباين حسب القدرة المادية سواء لألبسة العيد، أو لضيافة العيد، ولاسيما الحلويات، كطقس من طقوسه المعتادة، ومع ارتفاع أسعار الحلويات بشكل عام في جميع الأسواق، وفي مختلف المناطق، بدا مشهد إتمام التحضيرات متبايناً، مع الحرص على تلبية المتطلبات والحاجة ولو بأبسط أشكالها بما يتوافق مع خصوصية العيد واحتياجاته من جهة، والإمكانيات من جهة أخرى.

تفرد أم هاني- ربة منزل، ذكرياتها عن أيام العيد منذ سنين خلت، وتستذكر بهجة العيد، والتحضيرات والطقوس التي كانت تخلق نوعاً من التكاتف الاجتماعي والمحبة، متحدثة عما كان يرافق قدوم العيد من شراء للحلويات والطعام واللباس بأنواعها وألوانها التي كانت ممزوجة بالفرحة والبهجة، إلا أن مآثر العيد اختلفت عن السابق، وغابت الفرحة ولمة الأهل، فهناك عادات استمرت وعادات اندثرت، وأخرى تم استحداثها، مشيرة أنها غير قادرة حالياً على التهيئة لأيام العيد، فوضعها المادي لا يسمح، بالإضافة إلى أن أولادها بعيدين عنها.

ولفتت نهى، إلى أن بعض العادات في الشام كانت تبدأ قبل حلول العيد بأيام عدة، لكن لم نلمس ذلك، ولم نلحظ حالة الاستعدادات والتجهيزات له، فكل شيء تغير وتبدل، وأصبح قدوم العيد يشكّل هاجساً لدى الكثير من الأسر ويخلق لديهم حالة من التوتر بسبب عدم قدرتهم على إحياء طقوسه.

في الوقت الذي لم تستطع فيه الغالبية العظمى من الناس، شراء حلويات العيد بمسمياتها المختلفة جراء أسعارها الكاوية، والتي وصل سعر الكيلو منها لأكثر من خمسمئة ألف ليرة في بعض المحال، فيما حلّقت لأكثر من ذلك حسب نوع وجودة المواد الداخلة في صنعها، لجأ الكثيرون إلى صنع الحلويات في المنزل، حيث البركة أكثر، والوفرة المادية أيضاً،

إضافة إلى أنها عادة محببة لدى كثيرين كما تقول السيدة إلهام التي حرصت على صنع حلويات العيد بنفسها، إلا أن هذا العيد لم يكن كما السابق، من حيث ارتفاع أسعار المواد، وتم الاكتفاء بكعك العيد، وكليجة التمر، نظراً لغلاء المواد الداخلة في صنعها، ومع ذلك تبقى أوفر من الجاهز، وتلبي ضيافة العيد، وشغف الأولاد في تناول المزيد منها أيام العيد، في محاولة منها لإدخال السرور إلى نفوس أطفالهم.

وتتفق أم أحمد مع جاراتها في منطقة التضامن قبل بدء أيام العيد لصنع الحلويات المختلفة من كعك العيد بتحويجته الملفتة، إلى المعمول بأنواعه، وحتى أنواع من البيتفور يتفنن في صنعها تلبية لرغبة الأولاد، التي ربما تغنيهم عن الشراء، وذلك في جو من الألفة والمساعدة فيما بينهن، مع لحظهن تكاليف هذا العمل المرتفعة عن السنوات السابقة، وعدم قدرتهن على اقتناء الجاهز، فالظروف المعيشية تحول دون تحقيق ذلك.

حلويات الأسواق الشعبية

في بعض الأسواق الشعبية، كان هناك كم كبير من عرض الحلويات بأنواع عدة مع تباين في الأسعار بين محال وأخرى، وبين صنف وآخر، وذلك حسب نوع المنتج وجودته، كما يوضّح عدنان، صاحب أحد المحال في كشكول، إذ تتعدد الأصناف والأسعار التي تناسب شريحة ذوي الدخل المحدود، ومع ذلك تبدو مرتفعة حتى على هذه الشريحة، فهناك البرازق والغريبة والبيتفور وأسعارها تتراوح بدءاً من خمسين ألف ليرة، وحتى المئتي ألف ليرة، فمنها بالسمن النباتي، ومنها بالحيواني، وهناك أيضاً البلورية بالمكسرات، وأخرى بالفستق، والآسية، وعش البلبل، وغيرها..

ويصل سعر الكيلو منها إلى 200 ألف ليرة، فيما بدا الطلب عليها متوسطاً، فأكثر الطلبيات على الحلويات الناشفة، أما أسعار كيلو الشوكولا للضيافة فالتباين واضح بين محل وآخر بجواره، والذي يصل من 70 إلى 90 ألفاً العادي منه، أما النوع المتوسط فيتراوح بين الـ 100 ألف و200 ألف ليرة، وذلك يعود إلى نوع الحشوة، سواء أكانت بالبندق أم الكريمة، أما النوع الجيد منها فيصل سعر الكيلو إلى ما بين 350 ألفاً حتى الـ 500 ألف ليرة.

وضمن هذه الأسواق تنتشر أيضاً البسطات، والعربيات، التي تعرض حلويات متعددة الأصناف، والسكاكر والنوكا، وبأسعار تبدو مقبولة ترضي كثيرين، وعليها إقبال، حتى مع عدم التزام الباعة بالشروط الصحية لعرض هذه الحلويات، فأسعارها أرحم من باقي المحال، كما يبين كل من (أبو محمد وأبو نضال، وأبو وهاب) وغيرهم ممن هم زبائن اعتادوا على شراء هذه الحلويات في المناسبات، والآن تحضيراً للعيد، فهي ملاذهم لتأمين الحاجة كما يقولون، حتى مع عدم قناعتهم بجودتها ونوعيتها، ولكنها تفي بالغرض في ظل عدم القدرة على الشراء من المحلات الأخرى، فأسعار السكاكر والنوكا فيها تبدأ من 30 ألف ليرة وحتى مئة ألف ليرة للكيلو، فهنا تعتبر أرخص مقارنة بأسعار المحال.

المنزلي في السوق

لاحظنا أيضاً أنه إضافة لتوفر الحلويات، هناك محال عادية غير معنية بها، لكنها قامت بعرض أنواع من حلويات بدت بصنع منزلي، منها أقراص العيد الحموية، إضافة إلى الكليجة الديرية ومنها العادية ومنها محشوة بالتمر، ووصل سعر الكيلو بين 42 ألفاً وحتى الخمسين ألفاً، وكذلك بدا عليها الطلب، كما تقول أم ماهر- صاحبة أحد المحال، وتبقى أقراص العيد لها نكهتها الخاصة سواء بشكلها أو بتركيبة موادها، ناهيك عن أنها تلبي بعض الحاجة، فهي أيضاً تعد ترويجاً لصنع منزلي محلي بامتياز.

بدوره تحدث أبو فهد من دويلعة، قائلاً وبحرقة: لم يبقَ للعيد بهجته، نتيجة الظروف المعيشية من جهة، وتطور الحياة من جهة أخرى، إذ إن طقوس العيد ليست فقط بالضيافة والأكل واللبس، إنما بالتواصل واللقاءات، وهذا ما بتنا نفتقده، وحلت وسائل التواصل الاجتماعي التي أبعدت الناس عن بعضها، وفصلت تعزيز الحالة الاجتماعية المعتادة بالأعياد، فهل يكفي أن أبارك وأهنئ أخي أو ابني عبر الواتساب أو الماسنجر، ويتابع: حتى ضيافة العيد باتت خجولة جداً، وأصبح الناس يكتفون بتقديم حبات معدودة من المعمول أو الفواكه أو النوكا.

صحيفة الثورة

  • Related Posts

    صيف لاهب في حلب.. الطقس وشح المياه وانقطاع الكهرباء!
    • يوليو 26, 2025

    تعيش حلب واقعا مزرياً من جهة التقنين الكهربائي الجائر المفروض على المدينة، إلى جانب شح مياه الشرب، في عزّ اشتداد درجات الحرارة صيفاً. غياب التيار الكهربائي 20 ساعة يومياً، ووصول…

    Continue reading
    التربية السورية تنفي تحديد موعد إصدار نتائج امتحانات التعليم الأساسي
    • يوليو 26, 2025

    نفت وزارة التربية والتعليم السورية ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حول تحديد موعد إصدار نتائج امتحانات شهادة التعليم الأساسي دورة 2025. وأكدت الوزارة في بيان تلقت سانا نسخة منه…

    Continue reading

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    صحة

    العنب.. يُعزّز المناعة ويقاوم الأمراض

    • يوليو 25, 2025
    العنب.. يُعزّز المناعة ويقاوم الأمراض

    5 علامات تدل على إصاباتك بالاكتئاب

    • يوليو 24, 2025
    5 علامات تدل على إصاباتك بالاكتئاب

    3 نصائح من أجل نوم جيد

    • يوليو 23, 2025
    3 نصائح من أجل نوم جيد

    الطب البديل في سوريا.. علاج شعبي ينمو رغم غياب التنظيم!

    • يوليو 23, 2025
    الطب البديل في سوريا.. علاج شعبي ينمو رغم غياب التنظيم!

    9 فواكه تخفض الكولسترول بشكل طبيعي

    • يوليو 22, 2025
    9 فواكه تخفض الكولسترول بشكل طبيعي

    هل تسبب فرقعة الأصابع التهاب المفاصل؟

    • يوليو 21, 2025
    هل تسبب فرقعة الأصابع التهاب المفاصل؟

    كيف تؤثر قلة النوم على أجهزة الجسم المختلفة؟

    • يوليو 20, 2025
    كيف تؤثر قلة النوم على أجهزة الجسم المختلفة؟

    خبراء: مشروبات الطاقة خطر داهم يهدد صحة الشباب!

    • يوليو 20, 2025
    خبراء: مشروبات الطاقة خطر داهم يهدد صحة الشباب!

    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟

    • يوليو 20, 2025
    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟

    كيف تحافظ على هدوء دماغك؟

    • يوليو 19, 2025
    كيف تحافظ على هدوء دماغك؟