تعددت وسائل التواصل لنقل المحتوى الإعلامي، ومنه ما هو مثبت المصدر وصحيح، ومنه ما هو تأليف أو ابتكار، وحتى تلفيق، وقد ضاع الشباب بشكل خاص، والجمهور بشكل عام بين الحقيقة والخيال، وبين ما هو صادق أو كاذب، حتى ترك ذلك أثراً كبيراً على النفوس والعقول والسلوك.
“الثورة” التقت بعض الفعاليات المختلفة، والتي عرفت الإعلام الرقمي، وتحدثت عن سلبيات وإيجابيات هذا النوع من الإعلام.
هدم بيوتاً ودولاً وبنى أخرى
المهندس سالم الكردي قال: يعرف الإعلام الرقمي باستخدام التكنولوجيا والمنصات الإلكترونية لنقل المحتوى الإعلامي، مثل النصوص والصور الفيديوهات والبث المباشر عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية،
موضحاً أن البعض يستخدم هذه التقنيات بشكل إيجابي، وآخرون بالشكل السلبي، ولهذا فقد بنى هذا المحتوى بيوتاً ودولاً وهدم أخرى، وذلك نتيجة الانتشار الواسع والسرعة بالنقل والانتشار.
من ناحيتها المدرسة لمياء سلامة قالت: ينقل الإعلام الرقمي المحتوى إلى الجمهور، عبر الإنترنت والتطبيقات المتمثلة بوسائل التواصل و البريد الإلكتروني، ووسائل الإعلام المتعددة،
ولهذا نرى مواد ومحتويات مختلفة المضامين العلمية والسياسية والاقتصادية والثقافية والدينية والرياضية وغيرها، ومنها ماله علاقة بالخيال والواقع، ولكن المشكلة لا تكمن بالمحتوى، بل بالعقلية والقدرة على الاستيعاب والقبول، والتصديق.
يتكامل مع الإعلام التقليدي
من ناحيته قال الطالب الجامعي مرهف محمود: إن للإعلام الرقمي دوراً كبيراً في تشكيل الرأي العام، والوعي والتثقيف والتواصل، والتسويق والتفاعل والتغيير الاجتماعي وغيرها.
وأضاف أن هذا النوع من الإعلام لا يُعتبر بديلاً عن الإعلام التقليدي، بل يتكامل معه، حيث يستفيد الإعلام التقليدي من الإعلام الرقمي في توزيع المحتوى وتوسيع نطاق الوصول، ويتكامل الإعلام الرقمي مع الإعلام التقليدي في تقديم خبرة إعلامية متكاملة.
ونوه: يختلف الإعلام الرقمي عن الإعلام التقليدي في عدة جوانب، مثل سرعة الانتشار، والتفاعل، والتخصيص، والتكلفة، وقدرة الوصول إلى جمهور واسع.
الطالبة سماح زعير قالت: لقد أحدث الإعلام الرقمي ثورة في نمط الاتصال، وتشكيل الرأي العام، وتغيير الأنماط الثقافية، وتعزيز المشاركة المدنية، وغيرها.
وهو اليوم يستخدم في التعليم لتوفير بيئات تفاعلية، وتمكين الطلاب من الحصول على معلومات متنوعة، وتعزيز التعاون والتعلم المشترك.
تعزيز العلامة التجارية
من ناحيته قال ناجي حمود طالب تجارة واقتصاد: إن الإعلام الرقمي يستخدم في التسويق للوصول إلى جمهور واسع، وتعزيز العلامة التجارية، وتقديم العروض والمنتجات، وتحسين تجربة العملاء،
كما يلعب دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام السياسي، والتأثير في الانتخابات، والتعبير عن الآراء، والتأثير في السياسات العامة.
“المواطن الصحفي”
وفي هذا السياق أكد الدكتور حسان بقلة المحاضر في كلية الإعلام والجامعة الافتراضية السورية، أن ظهور الإعلام الرقمي أدى إلى استقطاب شرائح واسعة من جمهور وسائل الإعلام، وبرزت شريحة الشباب الأكثر تأثراً بالإعلام الجديد،
ولاسيما فيما يتعلّق بمواقع التواصل الاجتماعي التي أحدثت ثورة كبرى في مجال انتقال المعلومات وتبادلها، وظهر مفهوم “المواطن الصحفي” الذي مكّن من تبادل الأدوار بين المرسل والمستقبل للمادة الإعلامية.
كما أتاحت الأدوات التفاعلية في مواقع التواصل فرصة التأثير والتأثير المتبادل بين القائم بالاتصال والمستخدِم، مع هامش حرية واسع للمشاركة في التعديل أو الإضافة أو المشاركة بفاعلية والحصول على رجع الصدى بطريقة آنية ولحظية.
وأضاف بقلة: استفادت وسائل الإعلام من التطور التكنولوجي الهائل لأدوات الإعلام الرقمي في مجالات البث الفضائي والنشر الإلكتروني وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأدواته التي منحت الإعلاميين والباحثين والأفراد فرصة الحصول على كم كبير من المعلومات وتقديم الخدمات عبر تقنيات وتطبيقات رقمية في شتى مجالات الحياة على امتداد العالم أجمع.
وقال: في قطاع الصحة مثلاً، تساعد التكنولوجيا الرائدة التي يدعمها الذكاء الاصطناعي في إنقاذ الأرواح وتشخيص الأمراض وإطالة العمر المتوقع، وفي مجال التعليم، يسّرت بيئات التعلّم الافتراضي والتعلم عن بُعد إمكانية الالتحاق بالبرامج لطلابٍ كانوا سيتعرّضون بدونها للاستبعاد.
كذلك ازدادت سهولة الحصول على الخدمات العامة، بفضل المساعدة التي يقدّمها الذكاء الاصطناعي.
ويمكن للبيانات الضخمة أن تدعم أيضاً سياسات وبرامج أكثر تلبيةً للاحتياجات وأكثر دقة.
النساء أقل استخداماً
ونوه بقلة بأن الأشخاص الذين لم تصلهم بعد وسائل الربط الإلكتروني سيبقون محرومين من منافع هذا العصر الجديد للرقمنة، ولاسيما بين شرائح النساء أو كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصّة وسكان المناطق النائية والفقيرة،
وعلى سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن عدد النساء اللاتي يستخدمن الإنترنت على مستوى العالم يقلّ بنسبة 12 في المئة عن عدد الرجال، وبينما ضاقت هذه الفجوة في معظم المناطق على مستوى العالم، فإنها قد اتسعت في أقل البلدان نمواً من 30 في المئة إلى 33 في المئة.
ومن جهة أخرى قال المحاضر في كلية الإعلام: إن هامش الحرّية المطلق والمتاح عبر فضاءات الواقع الافتراضي تسبّب في فقدان كثيرٍ من مصداقية المعلومات،
خاصة في مواقع التواصل، ووقوع الشباب أسرى فضاء إلكتروني مترامي الأطراف، مع غياب كبير لضوابط وأخلاقيات النشر الإلكتروني، وانعدام الثقة في مصدر ما يتم نشره والاعتماد على مصادر مُجهَلة تساهم إلى حدٍّ بعيد في انتشار الشائعات وطمس الحقائق وغياب المهنية الإعلامية في التعامل مع قضايا الرأي العام،
وهو ما يستوجب ضرورة وجود ميثاق شرف إعلامي يضمن الالتزام بأخلاقيات النشر الإلكتروني وتحقيق الاستفادة القصوى من تقنيات الإعلام الرقمي وأدواته والاستفادة من رقمنة الأعمال وشموليتها بما يضمن رقي المجتمع وتطوّره ورفعته في المجالات كافّة.
صحيفة الثورة
