قطر تعزّز قدرة الكهرباء في سوريا على الصمود

أكد مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا، خالد أبو دي، أن الدعم الذي قدمته دولة قطر عبر صندوق قطر للتنمية شكّل إحدى أبرز ركائز تعزيز قدرة القطاع الكهربائي في سوريا خلال السنوات الماضية.

وأشار إلى أن التعاون مع دولة قطر لم يقتصر على المنح المقدمة في مجال الغاز فحسب، بل امتد ليشمل برامج مستمرة تهدف إلى رفع الكفاءة التشغيلية للشبكة الوطنية.

وأوضح مدير عام المؤسّسة، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، أن المرحلة الأولى من الدعم القطري تضمنت توفير مليون متر مكعب من الغاز يومياً لمدة شهر عبر خطوط الغاز الممتدة مع الأردن، وقد استُخدم هذا الغاز مباشرة في محطة دير علي للطاقة الكهربائية جنوب دمشق، ما ساهم في تحسين تغذية الكهرباء في مختلف المحافظات السورية.

وأضاف أن المرحلة الثانية من الدعم القطري شملت تزويد سورية بـ3.4 ملايين متر مكعب يومياً من الغاز عبر خطوط الربط مع تركيا، موضحاً أن هذه الكمية مقدمة من أذربيجان بتمويل من صندوق قطر للتنمية، وقادرة على توليد نحو 500 ميغاواط.

وبيّن أن هذا الإنتاج يشكّل نحو 30 بالمئة من إجمالي القدرة الإنتاجية الحالية للقطاع، التي تبلغ حوالى 2200 ميغاواط، مشيراً إلى أن هذا الدعم ساهم في رفع ساعات التغذية الكهربائية اليومية من 4-5 ساعات إلى نحو 7-8 ساعات، مع تفاوت بسيط بين المحافظات.

وأشار إلى أن التعاون في قطاع الكهرباء لا يقتصر على المساعدات الفورية، بل يمتد إلى مجالات متعدّدة تشمل برامج التدريب وتبادل الخبرات الفنية والاستشارية، وتسخير الإمكانات البشرية والتقنية، مؤكداً أن الدعم القطري مستمر ويتطور وفق تغيرات الطلب على الكهرباء واحتياجات الشبكة.

وحول التعرفة الجديدة للكهرباء، أوضح أن الحكومة السورية ما زالت تقدم دعماً واسعاً للمواطنين، مشيراً إلى أن أي تطوير في خدمات الكهرباء أو تحسين في مستوى التغذية يتطلب آلية لاسترداد جزئي للتكاليف التشغيلية.

وأوضح أن الشريحة الأولى حتى 300 كيلوواط ساعي شهرياً مدعومة بنسبة نحو 60%، ويستفيد منها جميع المواطنين السوريين، بينما يُحتسب الاستهلاك الزائد عن 300 كيلوواط بسعر 1400 ليرة سورية لكل كيلوواط. وذكر أن هذه الآلية جرى اعتمادها بعد دراسة شاملة للواقع الاقتصادي والمعيشي ومستوى دخل الأسر، لضمان عدالة توزيع الدعم واستدامته.

وفي السياق ذاته، أوضح أبو دي أن شبكة التوزيع قادرة على استيعاب كامل الكميات المنتجة وتوزيعها، كما أن شبكة النقل وخطوط المحولات تستطيع نقل نحو 7000 ميغاواط.

وأشار إلى أن القدرة الإنتاجية لمحطات التوليد تتراوح بين 3500 و5000 ميغاواط، إلّا أن الاستقرار التشغيلي يتحقق عند نحو 3500 ميغاواط، في حين يبلغ الإنتاج الفعلي حالياً نحو 2200-2300 ميغاواط نتيجة محدودية الغاز والوقود المتاحين.

وبيّن أنّ الغاز المتوفر ينقسم إلى إنتاج الحقول السورية بنحو 6 ملايين متر مكعب يومياً، بالإضافة إلى الغاز الأذربيجاني المقدم من صندوق قطر للتنمية بكمية 3.4 ملايين متر مكعب، ما يجعل إجمالي الغاز المتاح 9.5 ملايين متر مكعب، قادراً على توليد نحو 1500 ميغاواط.

أما بالنسبة للوقود، فهناك إنتاج محلي وكميات مستوردة بأسعار مرتفعة، لكن القدرة التشغيلية لمحطات الوقود محدودة، إذ تحتاج يومياً إلى نحو 5000 طن لتوليد 700-1000 ميغاواط إضافية.

وأكد أن توفير غاز إضافي ضروري لرفع الإنتاج إلى مستوى الطلب الوطني البالغ نحو 6500 ميغاواط، ما يتطلب تمويلاً مناسباً نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الغاز عالمياً.

وفي سياق المشاريع التطويرية، كشف خالد أبو دي عن مشروع وطني كبير لاستبدال العدادات التقليدية بعدادات إلكترونية مسبقة الدفع وذكية، بهدف تطوير منظومة القياس والمراقبة ومواكبة أحدث التقنيات العالمية.

وأوضح أن هذا المشروع يأتي أيضاً لمواجهة التحديات الفنية في شبكات التوزيع والتلاعب في العدادات القديمة، فضلاً عن تحسين قدرة الشبكة على ضبط الفاقد وزيادة الشفافية في الاستهلاك والفوترة.

وأشار إلى أن تنفيذ المشروع سيجري على مراحل خلال ثلاث سنوات للانتهاء من توريد العدادات، مع خطة لاستبدال جميع العدادات خلال هذه الفترة، مؤكداً أن المشروع يتطلب استثمارات مالية كبيرة، وأن الخطوة الأولى الضرورية هي تأمين الدفعات الأولى من العدادات الذكية.

وأضاف أن المشروع سيبدأ في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية لتقييم الأداء الفني قبل التوسع إلى باقي المحافظات، مع تجهيز مراكز البيانات وأنظمة القراءة الآلية التي تتيح مراقبة الاستهلاك وضبط الفواتير لحظياً.

كما لفت إلى أن المشروع سيترافق مع تأهيل الكوادر الفنية السورية لتشغيل وصيانة العدادات الجديدة، بما يضمن إدارة وطنية مستقلة للمنظومة الذكية،

مشيراً إلى أن المشروع يعكس رؤية الوزارة لتحديث الشبكة الكهربائية ورفع كفاءة الخدمات المقدمة بما يتوافق مع التطورات التقنية العالمية ويضمن استدامة القطاع في المستقبل.

وفي ختام تصريحاته، أكد خالد أبو دي أن منح دولة قطر ودعم الدول العربية الشقيقة لعبت دوراً محورياً في تعزيز قدرة الشبكة الوطنية في سورية على مواجهة التحديات،

مشيراً إلى أن هذا التعاون المستمر يعكس أهمية التكامل العربي في دعم البنى التحتية الحيوية وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين السوريين، كما يسهم في رفع كفاءة تشغيل المحطات وزيادة ساعات التغذية على نحوٍ ملموس.

يظهر من مجمل التصريحات أن التعاون القطري السوري في مجال الكهرباء لا يقتصر على المساعدات الوقتيّة، بل يمثل شراكة استراتيجية تهدف إلى دعم استقرار الشبكة وتحسين الخدمات للمواطنين.

كما يؤكد هذا التعاون أهمية الدور العربي المشترك في إعادة بناء البنى التحتية الحيوية في سورية، بما يسهم في تعزيز التنمية واستدامة الطاقة في المستقبل.

العربي الجديد

Exit mobile version